منتدى جرجناز الثورة
السلام عليكم اهلا وسهلا بكم في منتداكم منتدى جرجناز الثورة من جرجناز لخدمة الأمــة الإسلامية جمعاء
لا تكن بخيلاً بالصلاة عليه
مواضيع مماثلة
زوار الموقع
.: عدد الزوار من تاريخ 14/2/2010 :.
المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 9 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 9 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 46 بتاريخ 24/03/24, 11:58 pm
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الوراق الأثري | ||||
maya | ||||
الشاعر النعيمي | ||||
أبو أسامة | ||||
قمر طرابلس | ||||
ahlam | ||||
الحياة | ||||
صافي شوقي ضيف | ||||
مجاهد البانياسي | ||||
يامن الشامي |
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 377 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو algaryb فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 10562 مساهمة في هذا المنتدى في 2557 موضوع
جورج و العيد!!؟؟
06/01/10, 04:22 pm من طرف عاشقة الجنه
جورج رجل أمريكي تجاوز الخمسين من عمره
يعيش في واشنطن مع زوجته وابنه وابنته
لمّا أقبل شهر ذي الحجة
بدأ جورج وزوجته وأولاده يتابعون الأخبار
لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة
فالزوج يستمع للإذاعات ،
والزوجة تتابع القنوات …
يعيش في واشنطن مع زوجته وابنه وابنته
لمّا أقبل شهر ذي الحجة
بدأ جورج وزوجته وأولاده يتابعون الأخبار
لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة
فالزوج يستمع للإذاعات ،
والزوجة تتابع القنوات …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 4
خواط وجواهر ابن الجوزي لطلاب العلم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
خواط وجواهر ابن الجوزي لطلاب العلم
* فصل :[ في علماء الدنيا و علماء الآخرة]
تأملت التحاسد بين العلماء ، فرأيت منشأه من حب الدنيا ، فإن علماء الآخرة يتوادون و لا يتحاسدون ، كما قال عز و جل : (و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتو)ا .
و قال الله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) .
و قد كان أبو الدرداء : [ يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه ] .
و قال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي : [ أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر ] .
و الأمر الفارق بين الفئتين : أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ، و يحبون كثرة الجمع و الثناء . و علماء الآخرة ، بمعزل من إيثار ذلك ، و قد كانوا يتخوفونه ، و يرحمون من بلي به .
و كان النخعي ، لا يستند إلى سارية .
و قال علقمة : أكره أن يوطأ عقبي . و يقال" علقمة" .
و كان بعضهم ، إذا جلس إليه أكثر من أربعة ، قام عنهم .
و كانوا يتدافعون الفتوى ، و يحبون الخمول ، ومثل القوم كمثل راكب البحر ، و قد خب ، فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة .
و إنما كان بعضهم يدعوا لبعض ، و يستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا ، فالأيام و الليالي مراحلهم إلى سفر الجنة .[24]
تأملت التحاسد بين العلماء ، فرأيت منشأه من حب الدنيا ، فإن علماء الآخرة يتوادون و لا يتحاسدون ، كما قال عز و جل : (و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتو)ا .
و قال الله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) .
و قد كان أبو الدرداء : [ يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه ] .
و قال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي : [ أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر ] .
و الأمر الفارق بين الفئتين : أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ، و يحبون كثرة الجمع و الثناء . و علماء الآخرة ، بمعزل من إيثار ذلك ، و قد كانوا يتخوفونه ، و يرحمون من بلي به .
و كان النخعي ، لا يستند إلى سارية .
و قال علقمة : أكره أن يوطأ عقبي . و يقال" علقمة" .
و كان بعضهم ، إذا جلس إليه أكثر من أربعة ، قام عنهم .
و كانوا يتدافعون الفتوى ، و يحبون الخمول ، ومثل القوم كمثل راكب البحر ، و قد خب ، فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة .
و إنما كان بعضهم يدعوا لبعض ، و يستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا ، فالأيام و الليالي مراحلهم إلى سفر الجنة .[24]
مجاهد البانياسي- مشرف الأقسام الإسلامية
- Posts : 451
Reputation : 0
Join Date : 27/08/2009
Site : الإصلاح
رد: خواط وجواهر ابن الجوزي لطلاب العلم
جزاك الله خيراً أخي المجاهد ولا بأس أن ألحق مشاركتك القيمة بترجمة موجزة لهذا الإمام الجليل ملخص بسيط عن
الامام ابن الجوزى
ترجمة الإمام ابن الجوزي - رحمه الله -
هو: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن عليّ ابن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمّد بن جعفر بن عبدالله ابن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه القرشي التميمي البكري البغدادي الفقيه الحنبلي الحافظ المفسر الواعظ المؤرخ الأديب المعروف بابن الجوزي رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته.
مولده:
ولد العلامة ابن الجوزي "بدرب حبيب" الواقعة في بغداد، واختلف في تأريخ ودلاته:
قيل: سنة: 508، وقيل: سنة: 509، وقيل: سنة: 510 هجرية. والأرجح أنه ولد بعد العشرة كما يظهر ذلك في بعض مؤلَّفاته في الوعظ، حيث يقول: إنه بدأ التصنيف سنة: 528هـ، وله من العمر 17 سنة ولما قيل عنه أيضًا في ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "أنه كان يقول: "لا أتحقق مولدي غير أنه مات والدي في سنة: 514هـ، وقالت الوالدة كان لك من العمر ثلاث سنين".
وعلى هذا تكون ولادته سنة: 511هـ، 1117م.
وكان أهله تجارًا في النحاس، ولهذا يوجد في بعض سماعاته القديمة: عبد الرحمن بن عليّ الجوزي الصفار.
نشأته:
توفي والده عليّ بن محمّد وله من العمر ثلاث سنين، ولكن ذلك لم يؤثّر في نشأته نشأة صالحة، حيث أبدله الله عمته مربية مخلصة تعطيه كلّ عطفها وعنايتها وتسهر على خدمته وتعليمه، فهي حملته إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فتلقى منه الرعاية التامة والتربية الحسنة حتى أسمعه الحديث
وعلى الرغم من فراق والده في طفولته فقد ساعده في توجهه إلى طلب العلم وتفرغه لذلك ثروة أبيه الموسر، فقد ترك من الأموال الشيء الكثير، ولهذا نراه - رحمه الله - يكثر الكلام عن نفسه في أكثر من كتاب، فيبين أنه نشأ في النعيم، ويقول في صيد الخاطر:
"فمن ألف الترف فينبغي أن يتلطف بنفسه إذا أمكنه، وقد عرفت هذا من نفسي، فإني ربيت في ترف، فلما ابتدأت في التقلل وهجر المشتهى أثر معي مرضًا قطعني عن كثير من التعبد، حتى إني قرأت في أيام كل يوم خمسة أجزاء من القرآن، فتناولت يومًا ما لا يصلح فلم أقدر في ذلك اليوم على قراءتها، فقلت: إن لقمة تؤثر قراءة خمسة أجزاء بكل حرف عشر حسنات، إن تناوله لطاعة عظيمة، وإن مطعمًا يؤذي البدن فيفوّته فعل خير ينبغي أن يهجر، فالعاقل يعطي بدنه من الغذاء ما يوافقه".
فلما بلغ ابن الجوزي رشده شعر بنفسه وبال الترف في طلب العلم، فقنع باليسير واستسهل الصعاب متحملاً كلّ الشدائد والمحن فهمته في طلب العلم أنسته كل الترف فانكب على طلب العلم - وهو ألذ من كلّ لذيذ - فيقول عن نفسه: "ولقد كنت في مرحلة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها شربة، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم".
قد عاش ابن الجوزي منذ طفولته ورعًا تقيًا زاهدًا، لا يحب مخالطة الناس خوفًا من ضياع الوقت، ووقوع الهفوات، فصان بذلك نفسه وروحه ووقته: يقول الإمام ابن كثير عند ترجمته له: "وكان - وهو صبي - ديّنًا منجمعاً على نفسه لا يخالط أحدًا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلاّ للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان".
حبه للعزلة:
وكان يحب العزلة تقديرًا لقيمة الوقت وابتعادًا عن الوقوع في اللهو. يقول في صيد الخاطر: "فليس في الدنيا أطيب عيشًا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف القناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير بهذا الاستعفاف يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدلّه على الفضائل ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتحبط".
ردّه على المتزهدين والمتصوفين:
في موضع آخر من صيد الخاطر عين فصولاً للرد على العزلة العمياء والمتزهدين فيقول: "فكم فوتت العزلة علمًا يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بليته هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب".
ويقول في ذم المتزهدين والصوفية العمياء: "وإني أرى أكثر الناس قد حادوا عن الشريعة، وصار كلام المتزهدين كأنه شريعة لهم، فيقال: قال أبو طالب المكي: كان من السلف من يزن قوته بكربة فينقص كل يوم. وهذا شيء ما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه وإنما كانوا يأكلون دون الشبع. وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ما المتزهدون عليه اليوم.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يضحك ويمزح ويختار المستحسنات ويسابق عائشة رضي الله عنها، وكان يأكل اللحم ويحب الحلوى ويستعذب الماء وعلى هذا كانت طريقة أصحابه، فأظهر المتزهدون طرائق كأنها ابتداء شريعة، وكلها على غير الجادة".
مكانته وثناء العلماء عليه:
لقد أعجب بشخصيته وجهده الجبار علماء أجلاء من بعده فمدحوه وأثنوا عليه. يقول ابن خلكان: "إنه كان علامة عصره وإمام وقته في الحديث وفي صناعة الوعظ صنف في فنون كثير" فعد بعض مؤلَّفاته، ثم قال: "وبالجملة فكتبه تكاد لا تعد، وكتب بخطه شيئًا كثيرًا، والناس يغالون في ذلك حتى يقولوا إنه جمعت الكراريس التي كتبها وحسبت مدة عمره، وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خصّ كل يوم تسع كراريس".
وكان ابن الجوزي كثير الاطلاع ومشغوفًا بالقراءة فقد حكى عن نفسه أنه طالع عشرين ألف مجلد أو أكثر، وهو ما يزال طالبًا.
يقول في صيد الخاطر: "سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلوّ هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا ترى فيهم ذا همة عالية فيقتدي به المقتدي ولا صحاب ورع فيستفيد منه
الزاهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم".
فقد استطاع بهذا الاطلاع الواسع أن يتفوق على كثير من معاصريه في المشاركة في عديد من العلوم والفنون، فألف في التفسير والحديث والطب والوعظ وغيرها الشيء الكثير ويبدو أن ابن الجوزي كان ماهرًا في التفسير وفي التأريخ والوعظ ومتوسطًا في الفقه، وأما بالنسبة إلى متون الحديث فهو واسع الاطلاع فيها لكنه غير مصيب في الحكم على الصحيح والسقيم.
يقول الذهبي عند ترجمة ابن الجوزي: "كان مبرزًا في التفسير والوعظ والتأريخ ومتوسطًا في المذهب وله في الحديث اطلاع تام على متونه، وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين".
وقال الذهبي في التأريخ الكبير: "لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه".
مدرسة ابن الجوزي:
كان له دور كبير ومشاركة فعالة في الخدمات الاجتماعية، وقد بنى مدرسة بدرب دينار وأسس فيها مكتبة كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضًا بعده مدارس بغداد.
قال الحافظ ابن الدبيثي عن ابن الجوزي: "كان من أحسن الناس كلامًا وأتمهم نظامًا وأعذبهم لسانًا، وأجودهم دينًا، وبورك في عمره وعمله، فروى الكثير، وسمع الناس منه أكثر من أربعين سنة وحدث بمصنفاته مرارًا".
منزلة في الوعظ:
لم يكن جهاده محصورًا في القلم والتأليف إنما كان له شأن عظيم وشهرة كبيرة في الوعظ والخطب والدعوة والإرشاد بين الخواص والعوام.
يقول ابن كثير رحمه الله: "تفرد ابن الجوزي بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه، وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه، ونفوذ وعظه، وغوصه في المعاني البديعة، وتقريبه الأشياء الغريبة بما يشهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك بحيث يجمع المعاني الكثير في الكلمة اليسيرة".
شجاعته في إظهار الحقّ:
كان لا يخاف في الله لومة اللائم، وكان يحضر في وعظة الرؤساء والخلفاء، حيث قال فى الخليفة المستضيء العبّاس، وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين إن تكلمت، خفت منك وإن سكتّ خفت عليك، وإن قول القائل لك: اتق الله، خير لك من قوله: لكم أنتم أهل البيت مغفور لكم… وأضاف قائلاً: لقد كان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني من عامل ظلم فلم أغيره فأنا الظالم.
وهكذا دافع ابن الجوزي عن الحقّ بدون خوف لومة لائم وحارب البدع والمنكرات والتعصب في المذاهب والتقليد الأعمى، وقد كان يعترف بنجاحه في هذا المجال فيقول: "وظهر أقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب، فأعانني الله عزوجل عليهم وكانت كلمتنا هي العليا".
محنته في سبيل الحقّ:
وقد امتحن ابن الجوزي رحمه الله، في آخر عمره، وذلك أن الوزير ابن يونس الحنبلي كان في ولايته قد عقد مجلسًا للركن عبد السلام ابن عبد الوهّاب بن عبد القادر الجيلي، وأحرقت كتبه. وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأي الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر ابن
الجوزي وغيره من العلماء، وانتزع الوزير منه مدرسة جدّه وسلمها إلى ابن الجوزي.
فلما ولى الوزارة ابن القصاب - وكان رافضيًا خبيثًا - سعى في القبض على ابن يونس وتتبع أصحابه، فقال الركن: أين أنت عن ابن الجوزي، فإنه ناصبي، ومن أولاد أبي بكر، فهو أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي، وأحرقت كتبه في مشورته؟ فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر - وكان الناصر له ميل إلى الشيعة - وكان يقصد إيذاء ابن الجوزي فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى دار الشيخ وشتمه وأهانه وختم على داره وشتت عياله، ثم أخذه في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت وبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين وما دخل فيها حمامًا .فالمحنة بشتى أنواعها والصبر عليها والاستمرار على الوقوف في وجه الباطل والظلم والطاغوت من دأب العلماء العاملين والمجاهدين المخلصين. وقد رسم لنا العلامة ابن الجوزي من خلال حياته سلسة متصلة من الكفاح والجهل الطويل والربط بين العلم والعمل ربطًا وثيقًا.
وقد عقد فصلاً مستقلاً في كتابه صيد الخاطر تحت عنوان: (العلماء العاملون) فمدح فيه من يستحق المدح من أقرانه، وذمّ من يستحق ذلك ثم قال: "فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر.
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلسًا مع قوّة الحجة عليه".
ما أخذ عليه:
رغم وصوله إلى قمة العلم والمعرفة فقد أخذ العلماء عليه مآخذ هامة:
أوّلاً-
كان يميل إلى التأويل في بعض كلامه . يقول ابن رجب في الذيل: "اشتد إنكار العلماء عليه في ذلك، وكان مضطربًا في قضية التأويل رغم سعة اطلاعه على الأحاديث في هذا الباب فلم يكن خبيرًا بحل شبه المتكلمين، ويقول: كان أبو الفرج تابعًا لشيخه أبي الوفاء ابن عقيل في ذلك، وكان ابن عقيل بارعًا في علم الكلام ولكنه قليل الخبرة في الأحاديث والآثار لذا نراه مضطربًا في هذا الباب".
نعم، قد نجد ما يثبت ميله إلى التأويل من ثنايا كتبه حيث ألّف كتابًا مستقلاً يناقش هذا الموضوع باسم (دفع شبه التشبيه) وهو
مطبوع أورد فيه بعض آيات قرآنية، وستين حديثًا ورد فيها الكلام عن ذات الله وصفاته صلى الله عليه وسلم، كالوجه، واليد، والنفس، والساق، والاستواء، فيؤوّلها بما يحتمل التأويل بخلاف ما ذهب إليه السلف من إمرارها كما وردت بدون تأويل ولا تشبيه، ولا تعطيل.
ونجد أيضًا في صيد الخاطر، ينقد نهج السلف فيقول: "… ولا أقوامًا قصرت علومهم فرأت أن حمل الكلام على غير ظاهره نوع تعليل، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا"2
وقد قام بالردّ على ما كتبه ابن الجوزي مائلاً إلى التأويل عالم معاصر له، وهو الشيخ إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي حيث كتب
رسالة يردّ فيها على ابن الجوزي ردًّا عنيفًا طالبًا فيها العودة إلى الحقّ وإلى العقيدة السلفية وعلى ما كان عليه إمامه أحمد بن حنبل رحمه الله، حيث يقول فيها: "وإذا تأولت الصفات على اللغة وسوغته لنفسك وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس روحه، فلا يمكنك الانتساب بهذا، فاختر لنفسك مذهبًا حتى قال: فلقد استراح من خاف مقام ربّه وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم. فانتبه قبل الممات، وحسن القول العمل، فقد قرب الأجل لله الأمر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم".
ثانيًا -
كثرة أغلاطه في تصانيفه، وعذره في هذا واضح وهو أنه كان مكثرًا من التصانيف، فيصنف الكتاب ولا يعتبره، بل يشتعل بغيره وربما كتب في الوقت الواحد تصانيف عديدة ولولا ذلك لم تجتمع له هذه المصنفات الكثيرة.
ثالثًا -
ما يوجد في كلامه من الثناء على نفسه والترفع والتعاظم، وكثرة الدعاوى، ولا ريب أنه كان عنده من ذلك طرف، والله يسامحه) كقوله في صيد الخاطر: "… ونظرت إلى علوّ همتي فرأيتها عجبًا" ويقول في موضع آخر: "خلقت لي همة عالية تطلب الغايات" وأمثال ذلك كثيرة. ولعل ما قدم للأمة من القدوة الصالحة والخدمة الخالصة التي لا مثيل لها، تغطي مساوئه، وترفع درجاته. لأن الحسنات يذهبن السيئات. والله واسع المغفرة والكرم وهو عليم بذات الصدور.
شيوخه:
وقد ألّف في مشيخته كتابًا خاصًا، ذكر فيه حوالي تسعة وثمانين شيخًا ونرى فيه حسن اختياره للمشايخ حيث تتلمذ على طائفة من خيرة أعلام عصره، ويذكر اهتمامه في اختيار أبرع وأفهم المشايخ في بداية كتابه المذكور، حيث قال: "حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر وأسمعني العوالي، وأثبت سماعاتي كلّها بخطّه، وأخذ لي إجازات منهم، فلما فهمت الطلب كنت ألازم من الشيوخ أعلمهم وأوثر من أرباب النقل أفهمهم، فكانت همتي تجويد المدد لا تكثير العدد". فمن مشايخه:
1- أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت، وتنتهي نسبته إلى كعب بن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين خلفوا. يقول المؤلِّف: قرأ عليه، وكان ثقة فهمًا حجّة متفننًا في علوم كثيرة، منفردًا في علم الفرائض، وقع في أيدي الروم أسيرًا فأجبروه على أن ينطق كلمة الكفر فلم يفعل. توفي رحمه الله سنة: (535هـ).
2- أبو بكر محمّد بن الحسن بن عليّ بن إبراهيم المعروف بالمزرعي، قال ابن الجوزي إنه سمع منه وكان ثقة ثبتًا، عالمًا، حسن العقيدة، وسمع الحديث الكثير من ابن المهتدي، والصيريفيني وغيرهما. توفي رحمه الله سنة: (527هـ).
3- أبو الحسن عليّ بن عبد الواحد الدينوري، يقول المؤلِّف: إنه سمع منه الفقه والحديث، والجدل، والخلاف، والأصول، وهو من أقدم شيوخه وكان يسكن باب البصرة من غربي بغداد. وتوفي في جمادى الآخرة سنة: (521هـ).
4- أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، قال ابن الجوزي: إنه سمع منه بقراءة شيخه الأوّل أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان عبد الملك صالحًا صدوقًا، سمع جماعة كثيرة وخرج إلى مكة فجاورها. وتوفي في ذي الحجّة بعد رحيل الحجّ بثلاثة أيام سنة: (548هـ).
5- أبو سعد أحمد بن محمّد بن الحسن بن عليّ البغدادي، يقول ابن الجوزي: إنه سمع منه بقراءة أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان خيراً ثقة وأملى بمكة والمدينة وكان على طريقة السلف صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرح التكلف. ولد بأصبهان ونشأ بها وتوفي بنهاوند سنة: (540هـ).
تلاميذه:
كما اختار ابن الجوزي ثلة من خيرة أساطين علماء عصره، كذلك اختاره هو شيخًا، وأخذ العلم والحكمة على يده نخبة من الأفذاذ فورثوا بعده مقتدين بخطواته في التأليف والنصح والإخلاص، فمنهم:
1- الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن عليّ بن سرور. ولد في أرض نابلس سنة: (541هـ) سمع الحديث والعلوم من دمشق والموصل وهمدان، والإسكندرية، وكان حافظًا تقيًا ورعًا، وسمع من ابن الجوزي ببغداد، وألّف كتبًا عديدة، قال يوسف بن خليل: كان ثقة ثبتًا ديّنًا مأمونًا حسن التصنيف دائم الصيام. توفي بمصر سنة: (600هـ).
2- يوسف بن فرغلي بن عبد الله، أبو المظفر الواعظ، سبط الإمام ابن الجوزي، روى عن جدّه ببغداد، وسمع أبا الفرج بن كليب وغيره، وسمع بالموصل ودمشق، وحدّث بها وبمصر وأعطى القبول، وصنف الكتب العديدة منها: كتاب مرآة الزمان في التأريخ، وشرح الجامع الكبير، واللوامع في أحاديث المختصر، وغيرها. أخذ العلم من ابن الجوزي في بغداد. وتوفي ليلة الثلاثاء الحادي عشر من ذي الحجّة سنة: (654هـ).
3- أحمد بن عبد الدائم بن نعمة الكاتب المحدّث.ولد سنة: (575هـ) في نابلس، ودخل بغداد، وسمع بها ابن الجوزي وغيره، وسمع بدمشق وحران، وكان حسن الخلق والخلق، ديّنًا متواضعًا، وحدّث بالكثير بضعًا وخمسين سنة، وكتب ما لا يوصف كثرة من الكتب الكبار، متأثرًا بشيخه ابن الجوزي حتى صار هو شيخًا للأئمة الكبار، والحفاظ والمحدّثين، والفقهاء كالشيخ محي الدين النووي، وشيخ شمس الدين بن عمر، وشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والشيخ تقي الدين بن تيمية، وأمثالهم، رحمهم الله جميعًا. توفي أحمد بن عبد الدائم سنة: (668هـ).
مؤلَّفاته:
لقد فارقنا جسمًا وروحًا ولكن ذكراه وثمرات جهده الجبار المرسومة على صفحات التاريخ لم تزل ولا تزال تحيي حياة طيبة، كما قال الشاعر:
الجاهلون فماتوا قبل موتهم ... والعاملون وإن ماتوا فأحياء
وقد أورد المؤرخون من بعده بكل غرابة وإعجاب مؤلّفاته الضخمة في كتبهم فيقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في (أجوبته المصرية): "كان الشيخ أبو الفرج مفتيًا كثير التصنيف والتأليف وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت بعد ذلك ما لم أره".
ويقول الحافظ الذهبي: "ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل".
ويصفه صاحب البداية والنهاية بأنه: "أحد أفراد العلماء برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره، و مجموع المصنفات الكبار والصغار نحوًا
من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحوًا من مائتي مجلد. وله في العلوم كلّها اليد الطولى، والمشاركات في جميع أنواعها؛ من التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنجوم والطب والفقه. وغير ذلك من اللغة والنحو، وله من المصنفات في ذلك كلّه ما يضيق هذا المكان عن تعدادها، وحصر أفرادها، منها: كتابه في التفسير المشهور بـ (زاد المسير) وله تفسير أبسط منه - أي أوسع - لكنه ليس بمشهور. وله جامع المسانيد استوعب غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وله كتاب (المنتظم في تاريخ الأمم من العرب والعجم) في عشرين مجلدًا، (ويقول ابن كثير) ولم يزل يؤرخ أخبار العالم حتى صار هو تاريخًا:
ما زلت تدأب في التاريخ مجتهدًا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبًا
وقد أورد ابن رجب عن القطيعي في تأريخه، ثبت التصانيف التي كتبها ابن الجوزي بخطّه فذكر فيه حوالي 199 كتابًا. ولا يتسع هذا المقام لذكر أ سماء تلك الكتب مفصلة، إنما أختار ما ألّفه في علم التفسير، وأكتفي في الباقي بالإحالة إلى كتاب الأستاذ عبد الحميد العلوجي العراقي الذي صدر قريبًا باسم (مؤلَّفات ابن الجوزي) وقد جمع فيه أسماء مؤلَّفات
ابن الجوزي في شتى الفنون، ورتبها على حروف المعجم مع ذكر ما طبع منها وأماكن وجود المخطوطة منها، وقد وصل عدد تلك الكتب عنده بأساميها المختلفة حوالي (376) كتابًا ما بين مطبوع ومخطوط.
وتلك هي بعض ملامح ذلك الرجل الفذ الذي له ثقله ووزنه في ميزان العلم والعلماء حتى اليوم
وفاته:
بعد أن عاش رحمه الله داعيًا مرشدًا كاتبًا بارعًا زاهدًا مخلصًا، قرابة تسعين عامًا، انتقل إلى جوار ربّه ببغداد. وكانت وفاته ليلة الجمعة (12 رمضان 597هـ) بين العشائين، فغسل وقت السحر، واجتمع أهل بغداد وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيرًا جدًّا، وما وصل إلى حفرته إلا وقت صلاة الجمعة، والمؤذن يقول: "الله أكبر"، ودفن بباب حرب، بالقرب من مدفن الإمام أحمد بن حنبل وكان ينشد حال احتضاره يخاطب ربّه:
يا كثير العفو عمن ... كثر الذنب لديه
جاءك المذنب يرجو ... الصفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء ... الضيف إحسان إليه
فرحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته ونفعنا بعلومه آمين.
الامام ابن الجوزى
ترجمة الإمام ابن الجوزي - رحمه الله -
هو: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن عليّ ابن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمّد بن جعفر بن عبدالله ابن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه القرشي التميمي البكري البغدادي الفقيه الحنبلي الحافظ المفسر الواعظ المؤرخ الأديب المعروف بابن الجوزي رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته.
مولده:
ولد العلامة ابن الجوزي "بدرب حبيب" الواقعة في بغداد، واختلف في تأريخ ودلاته:
قيل: سنة: 508، وقيل: سنة: 509، وقيل: سنة: 510 هجرية. والأرجح أنه ولد بعد العشرة كما يظهر ذلك في بعض مؤلَّفاته في الوعظ، حيث يقول: إنه بدأ التصنيف سنة: 528هـ، وله من العمر 17 سنة ولما قيل عنه أيضًا في ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "أنه كان يقول: "لا أتحقق مولدي غير أنه مات والدي في سنة: 514هـ، وقالت الوالدة كان لك من العمر ثلاث سنين".
وعلى هذا تكون ولادته سنة: 511هـ، 1117م.
وكان أهله تجارًا في النحاس، ولهذا يوجد في بعض سماعاته القديمة: عبد الرحمن بن عليّ الجوزي الصفار.
نشأته:
توفي والده عليّ بن محمّد وله من العمر ثلاث سنين، ولكن ذلك لم يؤثّر في نشأته نشأة صالحة، حيث أبدله الله عمته مربية مخلصة تعطيه كلّ عطفها وعنايتها وتسهر على خدمته وتعليمه، فهي حملته إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فتلقى منه الرعاية التامة والتربية الحسنة حتى أسمعه الحديث
وعلى الرغم من فراق والده في طفولته فقد ساعده في توجهه إلى طلب العلم وتفرغه لذلك ثروة أبيه الموسر، فقد ترك من الأموال الشيء الكثير، ولهذا نراه - رحمه الله - يكثر الكلام عن نفسه في أكثر من كتاب، فيبين أنه نشأ في النعيم، ويقول في صيد الخاطر:
"فمن ألف الترف فينبغي أن يتلطف بنفسه إذا أمكنه، وقد عرفت هذا من نفسي، فإني ربيت في ترف، فلما ابتدأت في التقلل وهجر المشتهى أثر معي مرضًا قطعني عن كثير من التعبد، حتى إني قرأت في أيام كل يوم خمسة أجزاء من القرآن، فتناولت يومًا ما لا يصلح فلم أقدر في ذلك اليوم على قراءتها، فقلت: إن لقمة تؤثر قراءة خمسة أجزاء بكل حرف عشر حسنات، إن تناوله لطاعة عظيمة، وإن مطعمًا يؤذي البدن فيفوّته فعل خير ينبغي أن يهجر، فالعاقل يعطي بدنه من الغذاء ما يوافقه".
فلما بلغ ابن الجوزي رشده شعر بنفسه وبال الترف في طلب العلم، فقنع باليسير واستسهل الصعاب متحملاً كلّ الشدائد والمحن فهمته في طلب العلم أنسته كل الترف فانكب على طلب العلم - وهو ألذ من كلّ لذيذ - فيقول عن نفسه: "ولقد كنت في مرحلة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها شربة، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم".
قد عاش ابن الجوزي منذ طفولته ورعًا تقيًا زاهدًا، لا يحب مخالطة الناس خوفًا من ضياع الوقت، ووقوع الهفوات، فصان بذلك نفسه وروحه ووقته: يقول الإمام ابن كثير عند ترجمته له: "وكان - وهو صبي - ديّنًا منجمعاً على نفسه لا يخالط أحدًا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلاّ للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان".
حبه للعزلة:
وكان يحب العزلة تقديرًا لقيمة الوقت وابتعادًا عن الوقوع في اللهو. يقول في صيد الخاطر: "فليس في الدنيا أطيب عيشًا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف القناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير بهذا الاستعفاف يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدلّه على الفضائل ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتحبط".
ردّه على المتزهدين والمتصوفين:
في موضع آخر من صيد الخاطر عين فصولاً للرد على العزلة العمياء والمتزهدين فيقول: "فكم فوتت العزلة علمًا يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بليته هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب".
ويقول في ذم المتزهدين والصوفية العمياء: "وإني أرى أكثر الناس قد حادوا عن الشريعة، وصار كلام المتزهدين كأنه شريعة لهم، فيقال: قال أبو طالب المكي: كان من السلف من يزن قوته بكربة فينقص كل يوم. وهذا شيء ما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه وإنما كانوا يأكلون دون الشبع. وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ما المتزهدون عليه اليوم.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يضحك ويمزح ويختار المستحسنات ويسابق عائشة رضي الله عنها، وكان يأكل اللحم ويحب الحلوى ويستعذب الماء وعلى هذا كانت طريقة أصحابه، فأظهر المتزهدون طرائق كأنها ابتداء شريعة، وكلها على غير الجادة".
مكانته وثناء العلماء عليه:
لقد أعجب بشخصيته وجهده الجبار علماء أجلاء من بعده فمدحوه وأثنوا عليه. يقول ابن خلكان: "إنه كان علامة عصره وإمام وقته في الحديث وفي صناعة الوعظ صنف في فنون كثير" فعد بعض مؤلَّفاته، ثم قال: "وبالجملة فكتبه تكاد لا تعد، وكتب بخطه شيئًا كثيرًا، والناس يغالون في ذلك حتى يقولوا إنه جمعت الكراريس التي كتبها وحسبت مدة عمره، وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خصّ كل يوم تسع كراريس".
وكان ابن الجوزي كثير الاطلاع ومشغوفًا بالقراءة فقد حكى عن نفسه أنه طالع عشرين ألف مجلد أو أكثر، وهو ما يزال طالبًا.
يقول في صيد الخاطر: "سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلوّ هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا ترى فيهم ذا همة عالية فيقتدي به المقتدي ولا صحاب ورع فيستفيد منه
الزاهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم".
فقد استطاع بهذا الاطلاع الواسع أن يتفوق على كثير من معاصريه في المشاركة في عديد من العلوم والفنون، فألف في التفسير والحديث والطب والوعظ وغيرها الشيء الكثير ويبدو أن ابن الجوزي كان ماهرًا في التفسير وفي التأريخ والوعظ ومتوسطًا في الفقه، وأما بالنسبة إلى متون الحديث فهو واسع الاطلاع فيها لكنه غير مصيب في الحكم على الصحيح والسقيم.
يقول الذهبي عند ترجمة ابن الجوزي: "كان مبرزًا في التفسير والوعظ والتأريخ ومتوسطًا في المذهب وله في الحديث اطلاع تام على متونه، وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين".
وقال الذهبي في التأريخ الكبير: "لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه".
مدرسة ابن الجوزي:
كان له دور كبير ومشاركة فعالة في الخدمات الاجتماعية، وقد بنى مدرسة بدرب دينار وأسس فيها مكتبة كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضًا بعده مدارس بغداد.
قال الحافظ ابن الدبيثي عن ابن الجوزي: "كان من أحسن الناس كلامًا وأتمهم نظامًا وأعذبهم لسانًا، وأجودهم دينًا، وبورك في عمره وعمله، فروى الكثير، وسمع الناس منه أكثر من أربعين سنة وحدث بمصنفاته مرارًا".
منزلة في الوعظ:
لم يكن جهاده محصورًا في القلم والتأليف إنما كان له شأن عظيم وشهرة كبيرة في الوعظ والخطب والدعوة والإرشاد بين الخواص والعوام.
يقول ابن كثير رحمه الله: "تفرد ابن الجوزي بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه، وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه، ونفوذ وعظه، وغوصه في المعاني البديعة، وتقريبه الأشياء الغريبة بما يشهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك بحيث يجمع المعاني الكثير في الكلمة اليسيرة".
شجاعته في إظهار الحقّ:
كان لا يخاف في الله لومة اللائم، وكان يحضر في وعظة الرؤساء والخلفاء، حيث قال فى الخليفة المستضيء العبّاس، وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين إن تكلمت، خفت منك وإن سكتّ خفت عليك، وإن قول القائل لك: اتق الله، خير لك من قوله: لكم أنتم أهل البيت مغفور لكم… وأضاف قائلاً: لقد كان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني من عامل ظلم فلم أغيره فأنا الظالم.
وهكذا دافع ابن الجوزي عن الحقّ بدون خوف لومة لائم وحارب البدع والمنكرات والتعصب في المذاهب والتقليد الأعمى، وقد كان يعترف بنجاحه في هذا المجال فيقول: "وظهر أقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب، فأعانني الله عزوجل عليهم وكانت كلمتنا هي العليا".
محنته في سبيل الحقّ:
وقد امتحن ابن الجوزي رحمه الله، في آخر عمره، وذلك أن الوزير ابن يونس الحنبلي كان في ولايته قد عقد مجلسًا للركن عبد السلام ابن عبد الوهّاب بن عبد القادر الجيلي، وأحرقت كتبه. وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأي الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر ابن
الجوزي وغيره من العلماء، وانتزع الوزير منه مدرسة جدّه وسلمها إلى ابن الجوزي.
فلما ولى الوزارة ابن القصاب - وكان رافضيًا خبيثًا - سعى في القبض على ابن يونس وتتبع أصحابه، فقال الركن: أين أنت عن ابن الجوزي، فإنه ناصبي، ومن أولاد أبي بكر، فهو أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي، وأحرقت كتبه في مشورته؟ فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر - وكان الناصر له ميل إلى الشيعة - وكان يقصد إيذاء ابن الجوزي فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى دار الشيخ وشتمه وأهانه وختم على داره وشتت عياله، ثم أخذه في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت وبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين وما دخل فيها حمامًا .فالمحنة بشتى أنواعها والصبر عليها والاستمرار على الوقوف في وجه الباطل والظلم والطاغوت من دأب العلماء العاملين والمجاهدين المخلصين. وقد رسم لنا العلامة ابن الجوزي من خلال حياته سلسة متصلة من الكفاح والجهل الطويل والربط بين العلم والعمل ربطًا وثيقًا.
وقد عقد فصلاً مستقلاً في كتابه صيد الخاطر تحت عنوان: (العلماء العاملون) فمدح فيه من يستحق المدح من أقرانه، وذمّ من يستحق ذلك ثم قال: "فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر.
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلسًا مع قوّة الحجة عليه".
ما أخذ عليه:
رغم وصوله إلى قمة العلم والمعرفة فقد أخذ العلماء عليه مآخذ هامة:
أوّلاً-
كان يميل إلى التأويل في بعض كلامه . يقول ابن رجب في الذيل: "اشتد إنكار العلماء عليه في ذلك، وكان مضطربًا في قضية التأويل رغم سعة اطلاعه على الأحاديث في هذا الباب فلم يكن خبيرًا بحل شبه المتكلمين، ويقول: كان أبو الفرج تابعًا لشيخه أبي الوفاء ابن عقيل في ذلك، وكان ابن عقيل بارعًا في علم الكلام ولكنه قليل الخبرة في الأحاديث والآثار لذا نراه مضطربًا في هذا الباب".
نعم، قد نجد ما يثبت ميله إلى التأويل من ثنايا كتبه حيث ألّف كتابًا مستقلاً يناقش هذا الموضوع باسم (دفع شبه التشبيه) وهو
مطبوع أورد فيه بعض آيات قرآنية، وستين حديثًا ورد فيها الكلام عن ذات الله وصفاته صلى الله عليه وسلم، كالوجه، واليد، والنفس، والساق، والاستواء، فيؤوّلها بما يحتمل التأويل بخلاف ما ذهب إليه السلف من إمرارها كما وردت بدون تأويل ولا تشبيه، ولا تعطيل.
ونجد أيضًا في صيد الخاطر، ينقد نهج السلف فيقول: "… ولا أقوامًا قصرت علومهم فرأت أن حمل الكلام على غير ظاهره نوع تعليل، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا"2
وقد قام بالردّ على ما كتبه ابن الجوزي مائلاً إلى التأويل عالم معاصر له، وهو الشيخ إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي حيث كتب
رسالة يردّ فيها على ابن الجوزي ردًّا عنيفًا طالبًا فيها العودة إلى الحقّ وإلى العقيدة السلفية وعلى ما كان عليه إمامه أحمد بن حنبل رحمه الله، حيث يقول فيها: "وإذا تأولت الصفات على اللغة وسوغته لنفسك وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس روحه، فلا يمكنك الانتساب بهذا، فاختر لنفسك مذهبًا حتى قال: فلقد استراح من خاف مقام ربّه وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم. فانتبه قبل الممات، وحسن القول العمل، فقد قرب الأجل لله الأمر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم".
ثانيًا -
كثرة أغلاطه في تصانيفه، وعذره في هذا واضح وهو أنه كان مكثرًا من التصانيف، فيصنف الكتاب ولا يعتبره، بل يشتعل بغيره وربما كتب في الوقت الواحد تصانيف عديدة ولولا ذلك لم تجتمع له هذه المصنفات الكثيرة.
ثالثًا -
ما يوجد في كلامه من الثناء على نفسه والترفع والتعاظم، وكثرة الدعاوى، ولا ريب أنه كان عنده من ذلك طرف، والله يسامحه) كقوله في صيد الخاطر: "… ونظرت إلى علوّ همتي فرأيتها عجبًا" ويقول في موضع آخر: "خلقت لي همة عالية تطلب الغايات" وأمثال ذلك كثيرة. ولعل ما قدم للأمة من القدوة الصالحة والخدمة الخالصة التي لا مثيل لها، تغطي مساوئه، وترفع درجاته. لأن الحسنات يذهبن السيئات. والله واسع المغفرة والكرم وهو عليم بذات الصدور.
شيوخه:
وقد ألّف في مشيخته كتابًا خاصًا، ذكر فيه حوالي تسعة وثمانين شيخًا ونرى فيه حسن اختياره للمشايخ حيث تتلمذ على طائفة من خيرة أعلام عصره، ويذكر اهتمامه في اختيار أبرع وأفهم المشايخ في بداية كتابه المذكور، حيث قال: "حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر وأسمعني العوالي، وأثبت سماعاتي كلّها بخطّه، وأخذ لي إجازات منهم، فلما فهمت الطلب كنت ألازم من الشيوخ أعلمهم وأوثر من أرباب النقل أفهمهم، فكانت همتي تجويد المدد لا تكثير العدد". فمن مشايخه:
1- أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت، وتنتهي نسبته إلى كعب بن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين خلفوا. يقول المؤلِّف: قرأ عليه، وكان ثقة فهمًا حجّة متفننًا في علوم كثيرة، منفردًا في علم الفرائض، وقع في أيدي الروم أسيرًا فأجبروه على أن ينطق كلمة الكفر فلم يفعل. توفي رحمه الله سنة: (535هـ).
2- أبو بكر محمّد بن الحسن بن عليّ بن إبراهيم المعروف بالمزرعي، قال ابن الجوزي إنه سمع منه وكان ثقة ثبتًا، عالمًا، حسن العقيدة، وسمع الحديث الكثير من ابن المهتدي، والصيريفيني وغيرهما. توفي رحمه الله سنة: (527هـ).
3- أبو الحسن عليّ بن عبد الواحد الدينوري، يقول المؤلِّف: إنه سمع منه الفقه والحديث، والجدل، والخلاف، والأصول، وهو من أقدم شيوخه وكان يسكن باب البصرة من غربي بغداد. وتوفي في جمادى الآخرة سنة: (521هـ).
4- أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، قال ابن الجوزي: إنه سمع منه بقراءة شيخه الأوّل أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان عبد الملك صالحًا صدوقًا، سمع جماعة كثيرة وخرج إلى مكة فجاورها. وتوفي في ذي الحجّة بعد رحيل الحجّ بثلاثة أيام سنة: (548هـ).
5- أبو سعد أحمد بن محمّد بن الحسن بن عليّ البغدادي، يقول ابن الجوزي: إنه سمع منه بقراءة أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان خيراً ثقة وأملى بمكة والمدينة وكان على طريقة السلف صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرح التكلف. ولد بأصبهان ونشأ بها وتوفي بنهاوند سنة: (540هـ).
تلاميذه:
كما اختار ابن الجوزي ثلة من خيرة أساطين علماء عصره، كذلك اختاره هو شيخًا، وأخذ العلم والحكمة على يده نخبة من الأفذاذ فورثوا بعده مقتدين بخطواته في التأليف والنصح والإخلاص، فمنهم:
1- الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن عليّ بن سرور. ولد في أرض نابلس سنة: (541هـ) سمع الحديث والعلوم من دمشق والموصل وهمدان، والإسكندرية، وكان حافظًا تقيًا ورعًا، وسمع من ابن الجوزي ببغداد، وألّف كتبًا عديدة، قال يوسف بن خليل: كان ثقة ثبتًا ديّنًا مأمونًا حسن التصنيف دائم الصيام. توفي بمصر سنة: (600هـ).
2- يوسف بن فرغلي بن عبد الله، أبو المظفر الواعظ، سبط الإمام ابن الجوزي، روى عن جدّه ببغداد، وسمع أبا الفرج بن كليب وغيره، وسمع بالموصل ودمشق، وحدّث بها وبمصر وأعطى القبول، وصنف الكتب العديدة منها: كتاب مرآة الزمان في التأريخ، وشرح الجامع الكبير، واللوامع في أحاديث المختصر، وغيرها. أخذ العلم من ابن الجوزي في بغداد. وتوفي ليلة الثلاثاء الحادي عشر من ذي الحجّة سنة: (654هـ).
3- أحمد بن عبد الدائم بن نعمة الكاتب المحدّث.ولد سنة: (575هـ) في نابلس، ودخل بغداد، وسمع بها ابن الجوزي وغيره، وسمع بدمشق وحران، وكان حسن الخلق والخلق، ديّنًا متواضعًا، وحدّث بالكثير بضعًا وخمسين سنة، وكتب ما لا يوصف كثرة من الكتب الكبار، متأثرًا بشيخه ابن الجوزي حتى صار هو شيخًا للأئمة الكبار، والحفاظ والمحدّثين، والفقهاء كالشيخ محي الدين النووي، وشيخ شمس الدين بن عمر، وشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والشيخ تقي الدين بن تيمية، وأمثالهم، رحمهم الله جميعًا. توفي أحمد بن عبد الدائم سنة: (668هـ).
مؤلَّفاته:
لقد فارقنا جسمًا وروحًا ولكن ذكراه وثمرات جهده الجبار المرسومة على صفحات التاريخ لم تزل ولا تزال تحيي حياة طيبة، كما قال الشاعر:
الجاهلون فماتوا قبل موتهم ... والعاملون وإن ماتوا فأحياء
وقد أورد المؤرخون من بعده بكل غرابة وإعجاب مؤلّفاته الضخمة في كتبهم فيقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في (أجوبته المصرية): "كان الشيخ أبو الفرج مفتيًا كثير التصنيف والتأليف وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت بعد ذلك ما لم أره".
ويقول الحافظ الذهبي: "ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل".
ويصفه صاحب البداية والنهاية بأنه: "أحد أفراد العلماء برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره، و مجموع المصنفات الكبار والصغار نحوًا
من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحوًا من مائتي مجلد. وله في العلوم كلّها اليد الطولى، والمشاركات في جميع أنواعها؛ من التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنجوم والطب والفقه. وغير ذلك من اللغة والنحو، وله من المصنفات في ذلك كلّه ما يضيق هذا المكان عن تعدادها، وحصر أفرادها، منها: كتابه في التفسير المشهور بـ (زاد المسير) وله تفسير أبسط منه - أي أوسع - لكنه ليس بمشهور. وله جامع المسانيد استوعب غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وله كتاب (المنتظم في تاريخ الأمم من العرب والعجم) في عشرين مجلدًا، (ويقول ابن كثير) ولم يزل يؤرخ أخبار العالم حتى صار هو تاريخًا:
ما زلت تدأب في التاريخ مجتهدًا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبًا
وقد أورد ابن رجب عن القطيعي في تأريخه، ثبت التصانيف التي كتبها ابن الجوزي بخطّه فذكر فيه حوالي 199 كتابًا. ولا يتسع هذا المقام لذكر أ سماء تلك الكتب مفصلة، إنما أختار ما ألّفه في علم التفسير، وأكتفي في الباقي بالإحالة إلى كتاب الأستاذ عبد الحميد العلوجي العراقي الذي صدر قريبًا باسم (مؤلَّفات ابن الجوزي) وقد جمع فيه أسماء مؤلَّفات
ابن الجوزي في شتى الفنون، ورتبها على حروف المعجم مع ذكر ما طبع منها وأماكن وجود المخطوطة منها، وقد وصل عدد تلك الكتب عنده بأساميها المختلفة حوالي (376) كتابًا ما بين مطبوع ومخطوط.
وتلك هي بعض ملامح ذلك الرجل الفذ الذي له ثقله ووزنه في ميزان العلم والعلماء حتى اليوم
وفاته:
بعد أن عاش رحمه الله داعيًا مرشدًا كاتبًا بارعًا زاهدًا مخلصًا، قرابة تسعين عامًا، انتقل إلى جوار ربّه ببغداد. وكانت وفاته ليلة الجمعة (12 رمضان 597هـ) بين العشائين، فغسل وقت السحر، واجتمع أهل بغداد وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيرًا جدًّا، وما وصل إلى حفرته إلا وقت صلاة الجمعة، والمؤذن يقول: "الله أكبر"، ودفن بباب حرب، بالقرب من مدفن الإمام أحمد بن حنبل وكان ينشد حال احتضاره يخاطب ربّه:
يا كثير العفو عمن ... كثر الذنب لديه
جاءك المذنب يرجو ... الصفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء ... الضيف إحسان إليه
فرحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته ونفعنا بعلومه آمين.
الوراق الأثري- مشرف عام
- Posts : 1596
Reputation : 9
Join Date : 07/09/2009
Age : 33
Site : نقطة على الشمال
مواضيع مماثلة
» قال لي بعضهم ليس العلم بكثرة ما تحمله من مسائل ولكن العلم بالخشية
» فائدة من كتاب الامام ابن الجوزي
» أسئلة لطلاب الاصلاح .
» فائدة من كتاب الامام ابن الجوزي
» أسئلة لطلاب الاصلاح .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
28/01/22, 05:33 pm من طرف حسين دغيم
» موسوعة المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية
15/11/15, 06:49 pm من طرف المدير العام
» الحشائش وطرق مكافحتهـــا
17/05/15, 09:41 pm من طرف المدير العام
» الحشائش وطرق مكافحتهـــا
17/05/15, 09:40 pm من طرف المدير العام
» كيف نعتني بشجرة الزيتون ؟
17/05/15, 07:33 am من طرف المدير العام
» المدينة الغريبة: مدينة الجن، مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض تتسع لأكثر من 30 ألف شخص
03/06/14, 09:04 pm من طرف المدير العام
» خمسة أوامر مفيدة في موجه الأوامر CMD يجب عليك معرفتها لإدارة حاسوبك وإصلاح مشاكله:
17/03/14, 04:44 am من طرف المدير العام
» جورج و العيد!!؟؟
08/01/14, 11:55 am من طرف زعفران
» أدوات البحث الأساسية في google
21/04/13, 06:07 am من طرف المدير العام
» لماذا تأخر النصر في سوريا
21/01/13, 09:20 am من طرف المدير العام
» فوائد الصبر
26/11/12, 05:12 pm من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أدخل واكتب حكمة اليوم موضوع متجدد
26/11/12, 04:53 pm من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أختبر معلوماتك
26/11/12, 03:13 am من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أجمل أغاني الثورة من فرقة أحرار ريف معرة النعمان
09/04/12, 12:05 am من طرف المدير العام
» ماعاد اقدر اتحمل
23/03/12, 01:44 am من طرف المدير العام
» كيف يكون الحب
02/03/12, 08:31 pm من طرف عائشة
» صور في مظاهرة حق الدفاع عن النفس في جرجناز
29/01/12, 10:37 pm من طرف ابو زيد
» مذكرات تائهة
31/12/11, 11:11 pm من طرف دمعة الياسمين
» الصيرفة الإسلامية لا تجد من يتخصص فيها
28/12/11, 03:36 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» علاج العشق
28/12/11, 03:35 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» حكمة صغيرة جدااااااااااااااااااااا
28/12/11, 03:34 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» رحبوا معي بالأخ الفاضل محمد طراد
28/12/11, 03:32 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» ودنت الامتحانات!!!
28/12/11, 03:31 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» يعمي يا هاك البنات يا بلا ......................إقرأ
28/12/11, 03:30 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» فردة حذاء واحدة ماذا تفعل بها؟؟؟
13/12/11, 01:45 pm من طرف حسن الدغيم
» اوجاع القلم
08/12/11, 08:39 pm من طرف دمعة الياسمين
» كيفية ربط بريدين في بريد واحد
03/12/11, 08:56 pm من طرف AzaSeif
» فسيفساء جرجناز
19/09/11, 03:46 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» بداية النهاية
19/09/11, 03:42 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» يقولون بيخلق من الشبه اربعين شوفوا يمكن مية بالمية
02/09/11, 09:38 am من طرف رياح التغيير
» دعاء اليوم .. يارب استجب
02/09/11, 09:17 am من طرف رياح التغيير
» حملة الزم الاستغفار
02/09/11, 09:12 am من طرف رياح التغيير
» سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
02/09/11, 09:01 am من طرف رياح التغيير
» مضحك رائع حزين مهم جدا ...
01/09/11, 06:53 am من طرف رياح التغيير
» قوة الإرادة
01/09/11, 04:55 am من طرف رياح التغيير
» تألمت فتعلمت ..
29/08/11, 08:12 am من طرف رياح التغيير
» قرة العيون
29/08/11, 07:55 am من طرف رياح التغيير
» بلدة جرجناز السورية
14/08/11, 07:22 pm من طرف حكيم
» انـــا في امـــس الحـاجة للمسآآآآآآآآآآآآآآآعده
11/06/11, 09:17 am من طرف احمد
» لتعيش سعيدا
07/06/11, 09:36 am من طرف عائشة
» الفوائد الصحية لصلاة الفجر
11/04/11, 03:50 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» اصعب الاشياء
05/04/11, 08:05 pm من طرف جريح الصمت
» صور من جرجناز
17/03/11, 05:18 pm من طرف المدير العام
» علاقاتنا الاجتماعية الى اين وصلت
16/03/11, 11:48 pm من طرف محمود سلوم
» حكم الشرع بالمكياج
16/03/11, 11:44 pm من طرف محمود سلوم
» رحبوا معي بالعضو الجديد الأخ حمد الشحود
09/03/11, 05:43 pm من طرف محمود سلوم
» اللهم احفظ لنا جرجناز
09/03/11, 05:24 pm من طرف محمود سلوم
» قصيدة غريبة
05/03/11, 08:39 am من طرف صافي شوقي ضيف
» مقارنة بين فتاتين
20/02/11, 04:18 am من طرف الهامي دلني اليكي
» اسباب مشكلات الشباب
20/02/11, 02:41 am من طرف الهامي دلني اليكي
» خواطر شعرية
26/01/11, 08:51 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» معاني بعض الأسماء
17/01/11, 05:34 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اللحن في القرآن الكريم
17/01/11, 05:29 am من طرف صافي شوقي ضيف
» نصائح مفيدة ليوم زفافك
16/01/11, 10:49 pm من طرف محمود سلوم
» جرجناز في عمق التاريخ
16/01/11, 10:19 pm من طرف محمود سلوم
» حكم للغافلين
16/01/11, 08:30 am من طرف صافي شوقي ضيف
» كيد النساء ام كيد الرجال
16/01/11, 08:27 am من طرف صافي شوقي ضيف
» بنادول الذنوب
16/01/11, 08:25 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قصة محزنة جدا
16/01/11, 08:23 am من طرف صافي شوقي ضيف
» هام هام هام ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,جدا
16/01/11, 08:21 am من طرف صافي شوقي ضيف
» عودة للطريق
16/01/11, 08:19 am من طرف صافي شوقي ضيف
» يا ذات الشعر الاصفر
16/01/11, 08:18 am من طرف صافي شوقي ضيف
» امك ام زوجتك
16/01/11, 08:17 am من طرف صافي شوقي ضيف
» العلاج بالحجامة
16/01/11, 08:16 am من طرف صافي شوقي ضيف
» صدقيني انا لم اقتلها
16/01/11, 08:15 am من طرف صافي شوقي ضيف
» بناء الكعبة مع الصور
16/01/11, 08:13 am من طرف صافي شوقي ضيف
» من احكام الشتاء
16/01/11, 08:11 am من طرف صافي شوقي ضيف
» ليش ما تبتسم معنا
16/01/11, 08:06 am من طرف صافي شوقي ضيف
» فوارق بين الرجل والمراة
16/01/11, 07:56 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قال الشاعر
16/01/11, 07:55 am من طرف صافي شوقي ضيف
» من انا
16/01/11, 07:53 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اسالة للبنات فقط
16/01/11, 07:51 am من طرف صافي شوقي ضيف
» افكار لتطوير المنتدى
16/01/11, 07:49 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الزكاة في الاسلام أحكام وفوائد
16/01/11, 07:48 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اعرفني اكثر
16/01/11, 07:48 am من طرف صافي شوقي ضيف
» المواقع الاباحية والشباب العربي
16/01/11, 07:42 am من طرف صافي شوقي ضيف
» حكمة لصديق
16/01/11, 07:40 am من طرف صافي شوقي ضيف
» العنف الاسري
16/01/11, 07:38 am من طرف صافي شوقي ضيف
» افد واستفد
16/01/11, 07:34 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الرومنسية المفقودة
08/01/11, 11:38 am من طرف me manche
» هل انت حزين تخلص من حزنك هنا
08/01/11, 08:42 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قصة الباذنجانة الحرام
05/01/11, 11:19 pm من طرف me manche
» علاج لراحة البال
05/01/11, 11:12 pm من طرف me manche
» هكذا يجب ان تكون المرأة
30/12/10, 08:39 pm من طرف me manche
» االابتسامة
30/12/10, 08:33 pm من طرف me manche
» مالك يا دنيا
30/12/10, 12:58 pm من طرف دمعة الياسمين
» كلمات اعجبتني
30/12/10, 07:18 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الابتسامة الصادقة
30/12/10, 07:15 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الصبر مفتاح الفرج
30/12/10, 07:10 am من طرف صافي شوقي ضيف
» تدهشني المرأة
30/12/10, 07:05 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اروع جدال بين الذكر والانثى
27/12/10, 07:49 am من طرف صافي شوقي ضيف
» رضا الوالدين
23/12/10, 06:21 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» الثروة والنجاح والمحبة
23/12/10, 09:07 am من طرف جرجنازي مشتاق
» دم العذرية براي الكاتبة دلال حرب
23/12/10, 08:03 am من طرف صافي شوقي ضيف
» ورثة ابليس
23/12/10, 08:00 am من طرف صافي شوقي ضيف
» السر بشهر العسل
22/12/10, 01:33 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» احذر من الدنيا
22/12/10, 01:19 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» ادخل لترى جهنم وتعرف اين هي
21/12/10, 03:30 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» اخطاء الطلاب القاتلة اثناء الامتحانات
21/12/10, 03:28 pm من طرف صافي شوقي ضيف