سر زهرة

من طرف زهرة جرجناز 09/09/09, 10:25 am

*

" يا للجمال الخلاب .. والشذا العطر .. سبحان الله البديع "

هكذا قال لنفسه وهو يتطلع لتلك الزهرة ، التي بهرته واستوقفته من أول لحظة رآها فيها ..

" ياليتني أحصل على تلك الزهرة النادرة وأحتفظ بها لي وحدي ، وأرعاها ما حييت "

ترددت العبارة في نفسه وهو يتطلع إلى الناس حوله ، وقد بدا أن أحدًا غيره لا يبالي بها على الإطلاق ، ولم يتوقف مأخوذًا أمام سحرها ..

" نعم .. أنا أولى بها من الجميع .. سآخذها لي وحدي .. ليس حبًا في امتلاكها ، وإنما لرغبتي في رعايتها والحفاظ عليها .. فكل من حولها لا يقدرونها ولا يهتموا بها "

حسم أمره عند هذه النقطة .. وتقدم نحو الزهرة الخلابة بخطوات واثقة .. ولأول مرة يتطلع إليها عن قرب .. ويلمسها ..

خفق قلبه في انفعال وانبهار ، لتلك المشاعر التي سرت في كيانه مع ملمسها والقرب منها .. فقد كانت ساحرة .. بألوانها البديعة وذلك العطر الرقيق الذي ينبعث منها ، فيخيل إليه عند تنسمه أنه يسري في دمه ويبعث فيه الحياة .. والأمل .. و الحب ..

لم يدر كم ظل على هذا الحال من فرط انبهاره بها .. مرت الساعات تلو الساعات وهو ما يزال بالقرب منها ، يتنسم عبيرها في سكون ، ويتلمس أوراقها الناعمة بحنان .. وكأنها كائن حي يبادله الشعور ..

" لن أتركك أبدًا أيتها الزهرة .. لكني لن أستطيع أن أبقى معك ِ ها هنا في العراء .. لابد أن تأتي أنت ِ معي .. في بيتي .. أمنحك ِ الماء والتربة الخصبة والرعاية .. "

و ..

أخذها .. ومضى ..

-----------------

" زهرتي !!!!!! ماذا بك ِ !!!!! ؟؟؟ "

هتف بها في ذهول وارتياع وهو يتطلع إلى الزهرة .. لقد تغيرت كثيرًا ..
اختفت لمعة أوراقها .. وخفت عبيرها ..

" ماذا فعلت ؟؟.. إنني لم أقصر معك ِ في شىء .. لم أتركك عطشى .. لم أتركك وحيدة للحظة .. "

مرت الساعات ، وهو يكاد يجن من التغيرات التي طرأت على الزهرة .. رغم أنه يرويها باستمرار .. لم يعد إليها الماء نضارتها وسحرها .. والأسوأ من ذلك تلك الخطوط الصفراء اللعينة التي بدأت تزحف على عروقها ..

" يا إلهي .. إنها تذبل .. لا .. هذا غير ممكن .. هذا لن يكون .. إنها تذبل .. بعد كل ما فعلت من أجلها "

بدأ يهذي وهو يتطلع إليها في لوعة ومرارة .. لم يعد يأكل أو يشرب أو يتحرك .. علا الشحوب وجهه وهو يتطلع إليها .. وكأنه يذبل معها.. نعم .. إنه يشعر بها ..

إن الحياة تُسلب من شرايينه ببطء .. وكيانه يتصلب على نحو مؤلم .. إنه يشعر بالجفاف يهيمن على روحه وكأنها تنشق .. ويسمع أنات احتضارها بعيدة .. خافتة ..
سيشاركها مصيرها .........

---------------

بعد أيام وجدوه ملقى على الأرض في بيته جثة هامدة .. وصفرة عجيبة تعلو وجهه .. ويده مضمومة عند قلبه وكأنه يحتضن شيئًا ما ..

وعندما حركوا يده ليروا ما بها ..
وجدوا أنه كان يضم إليه زهرة ذابلة ، يبدو عليها أنها قطفت منذ فترة طويلة ..

لم يعلم أحد لماذا كان يضمها إلى صدره بهذه القوة ، لكنهم شعروا أنه يريدهم أن يدفنوها معه .. ففعلوا ..

وإلى الآن لم يعرف أحد سر تلك الزهرة ..

ترى ..
هل تعلمه أنت ؟ ..

من طرف صافي شوقي ضيف 16/02/10, 01:50 pm

وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويَبقَى الدَّهرَ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
بارك الله فيك و نفع الله بك و بكتاباتك المسلمين

منتدى جرجناز الثورة

سر زهرة

سر زهرة

رد: سر زهرة