منتدى جرجناز الثورة
السلام عليكم اهلا وسهلا بكم في منتداكم منتدى جرجناز الثورة من جرجناز لخدمة الأمــة الإسلامية جمعاء
لا تكن بخيلاً بالصلاة عليه
مواضيع مماثلة
زوار الموقع
.: عدد الزوار من تاريخ 14/2/2010 :.
المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 5 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 5 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 57 بتاريخ 21/11/24, 08:59 am
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الوراق الأثري | ||||
maya | ||||
الشاعر النعيمي | ||||
أبو أسامة | ||||
قمر طرابلس | ||||
ahlam | ||||
الحياة | ||||
صافي شوقي ضيف | ||||
مجاهد البانياسي | ||||
يامن الشامي |
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 377 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو algaryb فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 10562 مساهمة في هذا المنتدى في 2557 موضوع
جورج و العيد!!؟؟
06/01/10, 04:22 pm من طرف عاشقة الجنه
جورج رجل أمريكي تجاوز الخمسين من عمره
يعيش في واشنطن مع زوجته وابنه وابنته
لمّا أقبل شهر ذي الحجة
بدأ جورج وزوجته وأولاده يتابعون الأخبار
لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة
فالزوج يستمع للإذاعات ،
والزوجة تتابع القنوات …
يعيش في واشنطن مع زوجته وابنه وابنته
لمّا أقبل شهر ذي الحجة
بدأ جورج وزوجته وأولاده يتابعون الأخبار
لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة
فالزوج يستمع للإذاعات ،
والزوجة تتابع القنوات …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 4
في غرفة التشريح
صفحة 1 من اصل 1
في غرفة التشريح
قصه تستحق منك قرأتها..
د. محمد الحضيف
8/9/1428 20/09/2007
بدأ حلماً .. يراودها ، منذ تسع سنوات . وقتها .. كانت في الصف الثالث الابتدائي ، حين صارحت أمها ، بأمنية ( بريئة ) كأحلام الطفولة ، بعد موقف مرّ بهما . موقف ظل يتكرر كثيراً ، في أعوام تالية ، كلما أخذ والدها والدتها إلى المستشفى ، للكشف عليها .. حين تمر بعارض صحي . تسمع توسلات أمها عميقة ولحوحة ، وهي تتمنّع في بعض المرّات ، عن الذهاب إلى المستشفى ، رغم وضعها الصحي السيء ، ثم توافق على مضض :
- أرجوك يا ناصر ، إذا كان دكتور ، لا أريده أن يكشف علي ..!
في كل مرّة ، كان زوجها يرد بحزم :
- ليس عندنا حل ثانِ يا مها ، إذا لم يكن هناك دكتورة ..
- لا .. أرجوك يا أبا أحمد .. أموت ، ولا يكشف عليّ رجل .
سنوات تمضي ، ومشهد يتكرر . في إحدى المرّات .. تتذكر أن والديها ، عادا من المستشفى ، بكيس من الأدوية . أبوها كان هادئاً ، لكن والدتها بدت بحالة نفسية متردّية ، أسوأ من تلك التي ذهبت بها . سمعت والدها يتحدث .. يطمئنها ، ويؤكد بأن حالتها عادية ، ولا تستدعي القلق ، وأقسم على ذلك عدة مرّات .. وأن الطبيب أخبره بذلك . ثم ختم حديثه قائلاً :
- وكان كذلك ، مؤدباً جداً .. وهو يكشف عليك . أليس هذا هو المطلوب ؟
أفرغ كيس الأدوية على طـــاولة صغيرة ، في وسط غرفة النوم ، وأخذ يستعرض تعليمات الاستعمال ، الملصقة عليها :
- كل شيء واضح .. أهم شيء الالتزام بالمواعيد .
نظر إلى ساعته وقال :
- سأخرج للصلاة الآن ، ولدي موعد بعدها ، استريحي .. عائشة ستساعدك .
نادى على ابنته ، وقال ممازحاً :
- أكيد تعرفين .. تقرأين ..؟
هزت رأسها ..
- شوفي التعليمات المكتوبة على الأدوية ، وأعطيها ماما .
جثت على ركبتيها قريباً من الطاولة ، ثم التقطت منديلاً ورقياً ، وفرشته في إحدى زواياها . شرعت تقرأ الإرشادات ، المرفقة مع كل علبة دواء ، ثم تفتحها ، وتأخذ منها ، حسب ما هو مبين في ملصق التعليمات ، وتضعه على المنديل ، حتى مرّت عليها كلها ، وأعادتها بعد ذلك إلى الكيس . أحضرت كأس ماء ، ثم جمعت الدواء في المنديل ، واتجهت إلى والدتها ، التي كانت قد استلقت على السرير ، ووضعت وسادة على وجهها :
- ماما .. الدواء ..
التفتت الأم ، بعد أن رفعت الوسادة عن وجهها ، ونظرت إليها بعينين مبللتين . مدت يدها إليها لتأخذ الدواء ، وبقايا ألم ما زالت في العينين .. تحاول أن تواريها :
- تسلمين حبيبتي ..
- أمي .. بابا يقول ، أنت طيبة ، وما فيه شيء خطير ، ليه أنت متضايقة ؟
- ما فيه شيء حبيبتي ..
- أجل ليه تبكين يا ماما .. أنت متضايقة من المستشفى ..؟
أغلقت كفها على الدواء ، ثم أغمضت عينيها وأطرقت . كانت تحبس وجعاً غير عادي ، وتتمنى لو تجد من تبوح له به . في خاطرها أن البنت صغيرة ، ولا تستوعب حديثاً عن أحوال النساء .. بهذا المستوى . كيف تفصح لها ، عن خجلها الشديد ، من كشف الطبيب عليها ؟
عندما رفعت رأسها ، كانت ابنتها لاتزال واقفة ، ممسكة كأس الماء بيدها ، وعلامات الاستفهام ، قد استولت على كـامل وجهها . أخذت كأس الماء منها ، وتـناولت كومة حبوب الدواء من المنديل ، وجمعتها في كفها ، ثم قذفتها في فمها ، وأتبعتها بجرعة ماء . وضعت الكأس بجانبها ، ولم تشأ أن تنظر في وجهها ، حتى لا تشعر بحرج من تهربها من الإجابة . أحست بها تتقدم نحوها .. ثم تقف ، وتطوق عنقها بكـــفين ، وساعدين ممدودين . رفعت رأسها ، ولما التقت نظراتهما .. فاجأتها بما لم تتوقع :
- ماما .. لمّا أكبر ، أصير دكتورة وأكشف عليك .
صرخت وضمتها :
- يا عمري يا ( عيّوش ) .. حاسة فيني ..!
انـزاح عن صـدرها هم ثـقيل ، فانفرجت أساريرها . كـانت تريد البوح ، أن تتـحدث إلى ( أحد ) . لم تظن أن عائشة الصغيرة ، قادرة على إدراك ما يعتمل في داخلها . أجلستها إلى جانبها على طرف السرير ، وانطلقت تحدثها عن حيائها من الرجال ، وشعورها بالإثم ، لاطلاع الطبيب على أجزاء من جسدها :
- أستحي يا بنيّتي ، وأحس أني أموت مئة مرّة ، قبل ما يخلص الدكتور من الكشف .
لم تعلق عائشة ، وإنما استمرت تتأمل أمها ، وتمسح وجنتيها بكفّيها .. وتكرر بين آن وآخر جملتها : " أكبر وأصير دكتورة ، وما يكشف عليك إلا أنا " . تبتسم الأم وتضمها ، لكنها لا تخفي عدم رغبتها في أن تصبح عائشة طبيبة :
- اسم الله عليك يا حبيبتي .. أخاف عليك..!
كبرت عائشة ، وبقي الحلم يكبر ، في كل مرّة يتكرر الموقف ، حينما تضطر أمها للذهاب إلى الطبيب .. وكثيراً ما حدث ذلك . حلم طفلة التاسعة ، بقي خواطر عفوية ساذجة ، تروح وتجيء ، إلى أن كان قدره أن يتعرض لصدمة ، حوّلته إلى هدف ، غير قابل للمساومة .. لفتاة أصبحت أكثر نضجاً ، وتقترب من سن الزواج ، وصارت تعرف من أمور النساء الشيء الكثير .
في مجتمع ينشئ نساءه ، على الحشمة والحياء ، وتنظر المرأة لذلك ، على أنه مقياس لقيمتها ، وسور يمنع التعدي عليها .. لم يكن صعباً أن تفهم ، لماذا تعاني أمها ، كل هذه المعاناة ، في كل زيارة لها .. للطبيب . إنها .. بمفهوم آخر ثقافي ، غـير معـلن ، تعتبر اطلاع الطبيب الرجل ، على خصوصية جسدها انتهاكاً لمحرم ، واختراقاً لحصونها ، التي تستمد منها ، واحدة من أهم قيمها المعنوية . في مقابل القيمة الحسية ، التي تَعْمَد إلى ( تَشْيِيء ) المـرأة ، والنظر إليها ، بوصفها شـيئاً ( متاحاً ) ، باعثاً للّذة .. ومن ثم ابتذالها جنسياً ، يعلي الحياء والحرص على خصوصية الجسد .. من القيمة المعنوية للمرأة ، بوصفها كـينونة بعقل .. ومنظومة قيم . صحيح أن حالة والدتها ، لا تتكرر كثيراً ، لكنها تستند إلى بيئة تربوية وثقافية .. تتفاوت النساء في تمثّلها .
كانت شابة في السابعة عشرة .. طالبة في الصف الثاني الثانوي ، حينما رافقت أمها الحامل ، برفقة والدها إلى المستشفى .. في رحلة أحدثت تحولاً عميقاً في مجرى حياتها :
- أمك تحتاج إلى مساعدة يا عائشة .. تعالي معنا . أصلّي المغرب ونمشي .. كونوا جاهزين ..
حين وصلوا المستشفى ، توجهوا لقسم الطوارئ . قصد موظف الاستقبال ، وقال إن زوجته حامل ، وتشكو من آلام شديدة ، رغم أن موعد وضعها لم يحن بعد :
- لديها ملف ..؟
- نعم ..
ثم مد يده إلى جيبه ، وأخرج بطاقة بلاستيكية ..
كانت على كـرسي متحرك . أشار إليه ، وهو يمد البطاقة .. إلى ممرضة على يمينه ، بأن يدفعها باتجاه مكتب ، يتجمع حوله عدد من الممرضات . أخذت الممرضة التي تحدث إليها البطاقة، التي كانت تحمل اسمها ، ورقم الملف ، ومعلومات عامة عن المريض . شرعت تملأ البيانات ، في ورقة تناولتها من ملف أمامها ، وتملي في الوقـت نفسه ، عبر الهاتف ، الذي رفعته بكتفها ، وألصقته بأذنها .. معــلومات الملف ، على شخص آخر تحادثه . أثناء ذلك ، كانت الممرضات الأخريات قد وضعنها على سرير ، في إحـدى غرف الطوارئ ، وبدأن بأعمال الفحص الأوّلي . أبـو أحمد .. زوجها ، كان متوتراً ، على غير عادته ، فبادر الممرضة :
- هاه .. يا ( سستر ) ، إن شاء الله خير ..؟
- إن شاء الله .. " ممكن فيه ولادة ، بس لازم دكتور يشوف أول " .
عائشة كانت إلى جوار أمها ، حـين لاحظت أنها انتفضت ، بمجرّد سماعها كلمة ( دكتور ) . بعفوية لا تخلو من توتر ، سحبت الأم الغطاء على بطنها المكشوف ، رغم أنه لم يكن موجوداً ، إلا زوجها وابنتها والممرضة ، التي تقيس ضغطها ، ودرجة حرارتها .. ولم تكن قد انتهت بعد ، من استكمال إجراءات الكشف . لما أرادت الممرضة أن تزيح الغطاء ، لتضع السماعة على بطنها ، أبعدت يدها ، واجترّت نفساً عميقاً .. وقالت :
- أرجوك يا ( سستر ) ، إذا خلصتِ .. أبغى دكتورة تكشف علي .
لم ترد الممرضة ، وإنما واصلت إجراءات الفحص ، وطرح الأسئلة التقليدية ، عن تاريخها المرضي ، وإذا ما كان لديها حساسية ، تجاه دواء معين . تجاهل الممرضة لطلبها ، زادها إحباطاً ، ورفع وتيرة قلقها .. فنظرت إلى زوجها بعينين منهكتين ، أثقلهما الإحراج ، والشعور بالعناء الذي تسببه له .. فعجزت عن فتحهما بكامل استدارتهما .. وقالت :
- أسألك بالله .. يا أبو أحمد ، فكّني من وجع القلب هذا ..!
أغضى .. وتنهد بصوت مكتوم ، ولم يعلّق . وقف للحظة .. ثم شد على يدها ، قبل أن يذهب . خرج من عندها ، وصار يتلفّت بحثاً عن أحد يسأله . شاهد شاباً يرتدي معطفاً أخضر ، يناقش إحدى الممرضات في ورقة يحملها . اقترب منه ، وأخبره بحاجة زوجته لعناية عاجلة . لم يقطع الشاب حديثه مع الممرضة ، بل التفت بسرعة .. وقال وهو يشير بيده .. باتجاه أحد الأشخاص :
- كلّم الدكتور بشير ..
- وأنت ..؟
- أنا طبيب امتياز .
- يعني ..؟
لم يـرد عليه ، بل استمر في حديثه ، واكتفى بالإشارة إلى شخص سوداني في طرف الصالة ، عليه معطف أبيض ، ويتحلق حوله عدد من الأشخاص ، بينهم ممرضات . سأل إحدى الممرضات عن الدكتور بشير ، فأشارت إليه . أراد أن يحدثها عن حالة زوجته ، فاعتذرت وأخبرته .. أن عليه أن يتحدث مع الطبيب المسؤول في قسم الطوارئ .. الدكتور بشير . اقترب وحيّاه :
- مساء الخير دكتور ، أنا زوجتي حامل وتعبانة .. ممكن ..
- الدور جاي عليها ، دقائق فقط ، وأجيء لها .
- المشكلة يا دكتور ، إنها تريد طبيبة تكشف عليها .
- للأسف .. الليلة الدكتورة صار عندها حالة طارئة .. ومشت ، ولا يوجد في القسم عندنا ، إلا دكاترة رجال ، يكشفون على المرضى .
- والولادة ..؟ الممرضة قالت إنها ربما تكون عندها حالة ولادة مبكرة ..!
- موضوع الولادة ليس فيه مشكلة ، على حد علمي ، يوجد طبيبة ، لكن دعنا الآن نراها ، ونعرف ما هي حالتها بالضبط ، مع الدكتور فيصل ..
ثم أشار برأسه إلى طبيب ، يقف على بعد أمتار منه ، يقلب مجموعة أوراق بين يديه . يبدو الدكتور فيصل ، من ملامحه ومظهره الخارجي أنه سعودي . فرح بذلك ، وقال يحدث نفسه : دكـتور سعودي .. سوف يتفهم موقف زوجتي ، ورفضها للأطباء الرجال .. ويقدر حالتها النفسية ، وشعورها .
عاد إلى زوجته ، وفضل أن يبدأ باطلاعها ، على ما يظن أنه الخبر الذي سيطمئنها ويريحها . يعلم أنه لو أخبرها بعدم وجود طبيبة ، تتولى الكشف عليها ، فإن وضعها النفسي سيتدهور ، وحالتها الصحية ستزداد سوءاً . قال إنه تحدث إلى الدكتور رئيس قسم الطوارئ ، عن رغبتها في طبيبة تتولى متابعة حالتها ، وأن الدكتور أكد وجود طبيبة نساء وولادة ، سوف تتولى رعايتها ، والإشراف على الولادة .. بمجرد أن يتم تحويلها من الطوارئ إلى قسم التوليد ، بعد أن تنتهي إجراءات الكشف ، والتأكد من حالتها .. ثم أضاف ، بكثير من الاطمئنان :
- هناك أيضاً دكتور سعودي موجود في الطوارئ ، سيساعدنا لو حصل أي إشكال ..
بدت أمارات الرضا على وجهها ، ولم تنتبه لكلام زوجها ، أن من سيتولى الكشف عليها ، وينهي إجراءات فحصها .. قبل تحويلها لقسم التوليد ، دكتور وليس دكتورة . كان انتباهها مركزاً على الجزء الأول من الكلام ، الذي يتحدث عن طـبيبة النسـاء والولادة . عائشة انتبهت للأسلوب ، الذي خاطب به والدها والدتها ، ولاحظت مظاهر ارتياح اتسم بها حديثه ، وهو يتحدث عن وجود طبيب سعودي . انتبهت أيضاً للسكينة التي غمرت أمها ، بعد سماعها لكلام والدها . اختلست نظرة لوجه والدها ، الذي أدرك ما يدور في خاطرها .. فتبادلا ابتسامة ارتياح وإعجاب . هي للطريقة الذكية التي استخدمها لطمأنة أمها ، وهو لذكائها وسرعة بديهتها .
كانت الممرضة قد فرغت من إجراءات الفحص ، ودونت النتائج في بيان معها ، وعلى وشك أن تخرج ، حين دخل الدكتور بشير السوداني ، ومعه الطبيب الآخر ، الذي كان واضحاً ، من لهجته وكلامه أنه سعودي . أخذ الدكتور بشير الورقة من الممرضة ، وتحدث بلغة إنجليزية مع الطبيب الآخر ، وصارا يستعرضان المعلومات التي دونتها الممرضة . طلب الدكتور بشير من الممرضة أن تكشـف عن بطن المريضة . تمسكت أم عائشة بالشرشف ، لكن زوجها نظر إليها بعتاب .. وخاطبها بصوت خافت :
- مها ..!
طرفت عيناها من خلف النقاب ، ثم أرخت قبضتي كفيها عن الغطاء .. وتنهدت بعمق . في الوقت نفسه ، انحنت عائشة ووشوشت في أذن أمها بكلمات غير مسموعة ، أطلقت بعدها الشرشف ، وتركت الممرضة تقوم بواجبها .
وضع الدكتور بشير السماعة على الجزء الظاهر من بطنها ، وتحدث مع الطبيب الآخر ، الذي تناول منه السماعة ووضعها في أذنيه . أصغى بضع ثواني ، ثم التفت إلى الدكتور بشير ، وهز رأسه موافقاً ، وعلق بعبارة واحدة . كان الحوار باللغة الإنجليزية ، فلم يفهموا شـيئاً مما دار بينهما . التفت الدكتور بشير إلى والد عائشة ، أبي أحمد وقال :
- زوجتك لديها حالة ولادة مبكرة ، وسنكتب لها إذن تنويم . الدكتور فيصل هو استشاري النساء والولادة .. سيتولى إكمال الإجراءات .. والإشراف على الولادة .
تبادل أبو أحمد نظرات سريعة مع زوجته ، التي فاجأها الخبر ، وكان خلاف ما توقعته .. فظهر الهلع في عينيها ، وأخذت تجمع الشرشف حولها بعصبية ، وتردد : لا .. لا . كان الدكتور بشير على وشك أن يخرج ، قبل أن يستوقفه زوجها ، ويقول له :
- لكني يا دكتور ذكرت لك ، أن زوجتي لديها مشكلة ، ولا تريد إلا دكتورة لتقوم بتوليدها .
- والله يا أستاذنا ، هذا ليس من اخـتصاص الطوارئ .. كلم الدكتور فيصل .. هو المسؤول .
غادر الدكتور بشير ، فالتفت أبو أحمد إلى الدكتور فيصل ، الذي كان يرتب إجراءات التنويم مع الممرضة ، وسمع الحديث الذي دار بينه وبين الدكتور بشير .. فقال :
- دكتور فيصل ، لو سمحت ..
قبل أن يكمل كلامه ، فاجأه الدكتور فيصل ، دون أن ينظر إليه ، وهو ما زال منشغلاً مع الممرضة .. برد جاف ، وتقاطيع جامدة :
- الإجراءات تتم حسب المتوفر ..
- الدكتور بشير ، قال لي قبل وصولك بدقائق ، إن فيه طبيبة .. دكتورة .
انفعل الدكتور فيصل ، ورد بعصبية :
- يعني أنا كذاب ..؟!
- أنا ما قلت كذا ..!
واصل الدكتور فيصل انفعاله ، وبوتيرة أعلى :
- قلت .. أو ما قلت ، أزعجتونا . كل واحد يجيء لي .. أبغى دكتورة تولد زوجتي . إيش الأوادم هذي ؟ صلحوا لكم مستشفيات بمزاجكم . عاجبك نظامنا ، أو خذ زوجتك وتوكّل على الله .. الباب يوسع جمل ..!
ثم ختم ردّه الحاد ، بعبارة خافته ، حاول أن تكون غير واضحة :
- ناس متخلفة ..!
لكن يبدو أن أذن أبو أحمد ، قد التقطت الكلمة :
- يا دكتور .. هذا مستشفى حكومي ، ومن حق المواطن أن يلقى احتراماً ، وخدمة صحيحة . التخلف .. ليس التزام الإنسان بما يؤمن به ، بل معاملة الناس بهذه الطريقة .
د. محمد الحضيف
8/9/1428 20/09/2007
بدأ حلماً .. يراودها ، منذ تسع سنوات . وقتها .. كانت في الصف الثالث الابتدائي ، حين صارحت أمها ، بأمنية ( بريئة ) كأحلام الطفولة ، بعد موقف مرّ بهما . موقف ظل يتكرر كثيراً ، في أعوام تالية ، كلما أخذ والدها والدتها إلى المستشفى ، للكشف عليها .. حين تمر بعارض صحي . تسمع توسلات أمها عميقة ولحوحة ، وهي تتمنّع في بعض المرّات ، عن الذهاب إلى المستشفى ، رغم وضعها الصحي السيء ، ثم توافق على مضض :
- أرجوك يا ناصر ، إذا كان دكتور ، لا أريده أن يكشف علي ..!
في كل مرّة ، كان زوجها يرد بحزم :
- ليس عندنا حل ثانِ يا مها ، إذا لم يكن هناك دكتورة ..
- لا .. أرجوك يا أبا أحمد .. أموت ، ولا يكشف عليّ رجل .
سنوات تمضي ، ومشهد يتكرر . في إحدى المرّات .. تتذكر أن والديها ، عادا من المستشفى ، بكيس من الأدوية . أبوها كان هادئاً ، لكن والدتها بدت بحالة نفسية متردّية ، أسوأ من تلك التي ذهبت بها . سمعت والدها يتحدث .. يطمئنها ، ويؤكد بأن حالتها عادية ، ولا تستدعي القلق ، وأقسم على ذلك عدة مرّات .. وأن الطبيب أخبره بذلك . ثم ختم حديثه قائلاً :
- وكان كذلك ، مؤدباً جداً .. وهو يكشف عليك . أليس هذا هو المطلوب ؟
أفرغ كيس الأدوية على طـــاولة صغيرة ، في وسط غرفة النوم ، وأخذ يستعرض تعليمات الاستعمال ، الملصقة عليها :
- كل شيء واضح .. أهم شيء الالتزام بالمواعيد .
نظر إلى ساعته وقال :
- سأخرج للصلاة الآن ، ولدي موعد بعدها ، استريحي .. عائشة ستساعدك .
نادى على ابنته ، وقال ممازحاً :
- أكيد تعرفين .. تقرأين ..؟
هزت رأسها ..
- شوفي التعليمات المكتوبة على الأدوية ، وأعطيها ماما .
جثت على ركبتيها قريباً من الطاولة ، ثم التقطت منديلاً ورقياً ، وفرشته في إحدى زواياها . شرعت تقرأ الإرشادات ، المرفقة مع كل علبة دواء ، ثم تفتحها ، وتأخذ منها ، حسب ما هو مبين في ملصق التعليمات ، وتضعه على المنديل ، حتى مرّت عليها كلها ، وأعادتها بعد ذلك إلى الكيس . أحضرت كأس ماء ، ثم جمعت الدواء في المنديل ، واتجهت إلى والدتها ، التي كانت قد استلقت على السرير ، ووضعت وسادة على وجهها :
- ماما .. الدواء ..
التفتت الأم ، بعد أن رفعت الوسادة عن وجهها ، ونظرت إليها بعينين مبللتين . مدت يدها إليها لتأخذ الدواء ، وبقايا ألم ما زالت في العينين .. تحاول أن تواريها :
- تسلمين حبيبتي ..
- أمي .. بابا يقول ، أنت طيبة ، وما فيه شيء خطير ، ليه أنت متضايقة ؟
- ما فيه شيء حبيبتي ..
- أجل ليه تبكين يا ماما .. أنت متضايقة من المستشفى ..؟
أغلقت كفها على الدواء ، ثم أغمضت عينيها وأطرقت . كانت تحبس وجعاً غير عادي ، وتتمنى لو تجد من تبوح له به . في خاطرها أن البنت صغيرة ، ولا تستوعب حديثاً عن أحوال النساء .. بهذا المستوى . كيف تفصح لها ، عن خجلها الشديد ، من كشف الطبيب عليها ؟
عندما رفعت رأسها ، كانت ابنتها لاتزال واقفة ، ممسكة كأس الماء بيدها ، وعلامات الاستفهام ، قد استولت على كـامل وجهها . أخذت كأس الماء منها ، وتـناولت كومة حبوب الدواء من المنديل ، وجمعتها في كفها ، ثم قذفتها في فمها ، وأتبعتها بجرعة ماء . وضعت الكأس بجانبها ، ولم تشأ أن تنظر في وجهها ، حتى لا تشعر بحرج من تهربها من الإجابة . أحست بها تتقدم نحوها .. ثم تقف ، وتطوق عنقها بكـــفين ، وساعدين ممدودين . رفعت رأسها ، ولما التقت نظراتهما .. فاجأتها بما لم تتوقع :
- ماما .. لمّا أكبر ، أصير دكتورة وأكشف عليك .
صرخت وضمتها :
- يا عمري يا ( عيّوش ) .. حاسة فيني ..!
انـزاح عن صـدرها هم ثـقيل ، فانفرجت أساريرها . كـانت تريد البوح ، أن تتـحدث إلى ( أحد ) . لم تظن أن عائشة الصغيرة ، قادرة على إدراك ما يعتمل في داخلها . أجلستها إلى جانبها على طرف السرير ، وانطلقت تحدثها عن حيائها من الرجال ، وشعورها بالإثم ، لاطلاع الطبيب على أجزاء من جسدها :
- أستحي يا بنيّتي ، وأحس أني أموت مئة مرّة ، قبل ما يخلص الدكتور من الكشف .
لم تعلق عائشة ، وإنما استمرت تتأمل أمها ، وتمسح وجنتيها بكفّيها .. وتكرر بين آن وآخر جملتها : " أكبر وأصير دكتورة ، وما يكشف عليك إلا أنا " . تبتسم الأم وتضمها ، لكنها لا تخفي عدم رغبتها في أن تصبح عائشة طبيبة :
- اسم الله عليك يا حبيبتي .. أخاف عليك..!
كبرت عائشة ، وبقي الحلم يكبر ، في كل مرّة يتكرر الموقف ، حينما تضطر أمها للذهاب إلى الطبيب .. وكثيراً ما حدث ذلك . حلم طفلة التاسعة ، بقي خواطر عفوية ساذجة ، تروح وتجيء ، إلى أن كان قدره أن يتعرض لصدمة ، حوّلته إلى هدف ، غير قابل للمساومة .. لفتاة أصبحت أكثر نضجاً ، وتقترب من سن الزواج ، وصارت تعرف من أمور النساء الشيء الكثير .
في مجتمع ينشئ نساءه ، على الحشمة والحياء ، وتنظر المرأة لذلك ، على أنه مقياس لقيمتها ، وسور يمنع التعدي عليها .. لم يكن صعباً أن تفهم ، لماذا تعاني أمها ، كل هذه المعاناة ، في كل زيارة لها .. للطبيب . إنها .. بمفهوم آخر ثقافي ، غـير معـلن ، تعتبر اطلاع الطبيب الرجل ، على خصوصية جسدها انتهاكاً لمحرم ، واختراقاً لحصونها ، التي تستمد منها ، واحدة من أهم قيمها المعنوية . في مقابل القيمة الحسية ، التي تَعْمَد إلى ( تَشْيِيء ) المـرأة ، والنظر إليها ، بوصفها شـيئاً ( متاحاً ) ، باعثاً للّذة .. ومن ثم ابتذالها جنسياً ، يعلي الحياء والحرص على خصوصية الجسد .. من القيمة المعنوية للمرأة ، بوصفها كـينونة بعقل .. ومنظومة قيم . صحيح أن حالة والدتها ، لا تتكرر كثيراً ، لكنها تستند إلى بيئة تربوية وثقافية .. تتفاوت النساء في تمثّلها .
كانت شابة في السابعة عشرة .. طالبة في الصف الثاني الثانوي ، حينما رافقت أمها الحامل ، برفقة والدها إلى المستشفى .. في رحلة أحدثت تحولاً عميقاً في مجرى حياتها :
- أمك تحتاج إلى مساعدة يا عائشة .. تعالي معنا . أصلّي المغرب ونمشي .. كونوا جاهزين ..
حين وصلوا المستشفى ، توجهوا لقسم الطوارئ . قصد موظف الاستقبال ، وقال إن زوجته حامل ، وتشكو من آلام شديدة ، رغم أن موعد وضعها لم يحن بعد :
- لديها ملف ..؟
- نعم ..
ثم مد يده إلى جيبه ، وأخرج بطاقة بلاستيكية ..
كانت على كـرسي متحرك . أشار إليه ، وهو يمد البطاقة .. إلى ممرضة على يمينه ، بأن يدفعها باتجاه مكتب ، يتجمع حوله عدد من الممرضات . أخذت الممرضة التي تحدث إليها البطاقة، التي كانت تحمل اسمها ، ورقم الملف ، ومعلومات عامة عن المريض . شرعت تملأ البيانات ، في ورقة تناولتها من ملف أمامها ، وتملي في الوقـت نفسه ، عبر الهاتف ، الذي رفعته بكتفها ، وألصقته بأذنها .. معــلومات الملف ، على شخص آخر تحادثه . أثناء ذلك ، كانت الممرضات الأخريات قد وضعنها على سرير ، في إحـدى غرف الطوارئ ، وبدأن بأعمال الفحص الأوّلي . أبـو أحمد .. زوجها ، كان متوتراً ، على غير عادته ، فبادر الممرضة :
- هاه .. يا ( سستر ) ، إن شاء الله خير ..؟
- إن شاء الله .. " ممكن فيه ولادة ، بس لازم دكتور يشوف أول " .
عائشة كانت إلى جوار أمها ، حـين لاحظت أنها انتفضت ، بمجرّد سماعها كلمة ( دكتور ) . بعفوية لا تخلو من توتر ، سحبت الأم الغطاء على بطنها المكشوف ، رغم أنه لم يكن موجوداً ، إلا زوجها وابنتها والممرضة ، التي تقيس ضغطها ، ودرجة حرارتها .. ولم تكن قد انتهت بعد ، من استكمال إجراءات الكشف . لما أرادت الممرضة أن تزيح الغطاء ، لتضع السماعة على بطنها ، أبعدت يدها ، واجترّت نفساً عميقاً .. وقالت :
- أرجوك يا ( سستر ) ، إذا خلصتِ .. أبغى دكتورة تكشف علي .
لم ترد الممرضة ، وإنما واصلت إجراءات الفحص ، وطرح الأسئلة التقليدية ، عن تاريخها المرضي ، وإذا ما كان لديها حساسية ، تجاه دواء معين . تجاهل الممرضة لطلبها ، زادها إحباطاً ، ورفع وتيرة قلقها .. فنظرت إلى زوجها بعينين منهكتين ، أثقلهما الإحراج ، والشعور بالعناء الذي تسببه له .. فعجزت عن فتحهما بكامل استدارتهما .. وقالت :
- أسألك بالله .. يا أبو أحمد ، فكّني من وجع القلب هذا ..!
أغضى .. وتنهد بصوت مكتوم ، ولم يعلّق . وقف للحظة .. ثم شد على يدها ، قبل أن يذهب . خرج من عندها ، وصار يتلفّت بحثاً عن أحد يسأله . شاهد شاباً يرتدي معطفاً أخضر ، يناقش إحدى الممرضات في ورقة يحملها . اقترب منه ، وأخبره بحاجة زوجته لعناية عاجلة . لم يقطع الشاب حديثه مع الممرضة ، بل التفت بسرعة .. وقال وهو يشير بيده .. باتجاه أحد الأشخاص :
- كلّم الدكتور بشير ..
- وأنت ..؟
- أنا طبيب امتياز .
- يعني ..؟
لم يـرد عليه ، بل استمر في حديثه ، واكتفى بالإشارة إلى شخص سوداني في طرف الصالة ، عليه معطف أبيض ، ويتحلق حوله عدد من الأشخاص ، بينهم ممرضات . سأل إحدى الممرضات عن الدكتور بشير ، فأشارت إليه . أراد أن يحدثها عن حالة زوجته ، فاعتذرت وأخبرته .. أن عليه أن يتحدث مع الطبيب المسؤول في قسم الطوارئ .. الدكتور بشير . اقترب وحيّاه :
- مساء الخير دكتور ، أنا زوجتي حامل وتعبانة .. ممكن ..
- الدور جاي عليها ، دقائق فقط ، وأجيء لها .
- المشكلة يا دكتور ، إنها تريد طبيبة تكشف عليها .
- للأسف .. الليلة الدكتورة صار عندها حالة طارئة .. ومشت ، ولا يوجد في القسم عندنا ، إلا دكاترة رجال ، يكشفون على المرضى .
- والولادة ..؟ الممرضة قالت إنها ربما تكون عندها حالة ولادة مبكرة ..!
- موضوع الولادة ليس فيه مشكلة ، على حد علمي ، يوجد طبيبة ، لكن دعنا الآن نراها ، ونعرف ما هي حالتها بالضبط ، مع الدكتور فيصل ..
ثم أشار برأسه إلى طبيب ، يقف على بعد أمتار منه ، يقلب مجموعة أوراق بين يديه . يبدو الدكتور فيصل ، من ملامحه ومظهره الخارجي أنه سعودي . فرح بذلك ، وقال يحدث نفسه : دكـتور سعودي .. سوف يتفهم موقف زوجتي ، ورفضها للأطباء الرجال .. ويقدر حالتها النفسية ، وشعورها .
عاد إلى زوجته ، وفضل أن يبدأ باطلاعها ، على ما يظن أنه الخبر الذي سيطمئنها ويريحها . يعلم أنه لو أخبرها بعدم وجود طبيبة ، تتولى الكشف عليها ، فإن وضعها النفسي سيتدهور ، وحالتها الصحية ستزداد سوءاً . قال إنه تحدث إلى الدكتور رئيس قسم الطوارئ ، عن رغبتها في طبيبة تتولى متابعة حالتها ، وأن الدكتور أكد وجود طبيبة نساء وولادة ، سوف تتولى رعايتها ، والإشراف على الولادة .. بمجرد أن يتم تحويلها من الطوارئ إلى قسم التوليد ، بعد أن تنتهي إجراءات الكشف ، والتأكد من حالتها .. ثم أضاف ، بكثير من الاطمئنان :
- هناك أيضاً دكتور سعودي موجود في الطوارئ ، سيساعدنا لو حصل أي إشكال ..
بدت أمارات الرضا على وجهها ، ولم تنتبه لكلام زوجها ، أن من سيتولى الكشف عليها ، وينهي إجراءات فحصها .. قبل تحويلها لقسم التوليد ، دكتور وليس دكتورة . كان انتباهها مركزاً على الجزء الأول من الكلام ، الذي يتحدث عن طـبيبة النسـاء والولادة . عائشة انتبهت للأسلوب ، الذي خاطب به والدها والدتها ، ولاحظت مظاهر ارتياح اتسم بها حديثه ، وهو يتحدث عن وجود طبيب سعودي . انتبهت أيضاً للسكينة التي غمرت أمها ، بعد سماعها لكلام والدها . اختلست نظرة لوجه والدها ، الذي أدرك ما يدور في خاطرها .. فتبادلا ابتسامة ارتياح وإعجاب . هي للطريقة الذكية التي استخدمها لطمأنة أمها ، وهو لذكائها وسرعة بديهتها .
كانت الممرضة قد فرغت من إجراءات الفحص ، ودونت النتائج في بيان معها ، وعلى وشك أن تخرج ، حين دخل الدكتور بشير السوداني ، ومعه الطبيب الآخر ، الذي كان واضحاً ، من لهجته وكلامه أنه سعودي . أخذ الدكتور بشير الورقة من الممرضة ، وتحدث بلغة إنجليزية مع الطبيب الآخر ، وصارا يستعرضان المعلومات التي دونتها الممرضة . طلب الدكتور بشير من الممرضة أن تكشـف عن بطن المريضة . تمسكت أم عائشة بالشرشف ، لكن زوجها نظر إليها بعتاب .. وخاطبها بصوت خافت :
- مها ..!
طرفت عيناها من خلف النقاب ، ثم أرخت قبضتي كفيها عن الغطاء .. وتنهدت بعمق . في الوقت نفسه ، انحنت عائشة ووشوشت في أذن أمها بكلمات غير مسموعة ، أطلقت بعدها الشرشف ، وتركت الممرضة تقوم بواجبها .
وضع الدكتور بشير السماعة على الجزء الظاهر من بطنها ، وتحدث مع الطبيب الآخر ، الذي تناول منه السماعة ووضعها في أذنيه . أصغى بضع ثواني ، ثم التفت إلى الدكتور بشير ، وهز رأسه موافقاً ، وعلق بعبارة واحدة . كان الحوار باللغة الإنجليزية ، فلم يفهموا شـيئاً مما دار بينهما . التفت الدكتور بشير إلى والد عائشة ، أبي أحمد وقال :
- زوجتك لديها حالة ولادة مبكرة ، وسنكتب لها إذن تنويم . الدكتور فيصل هو استشاري النساء والولادة .. سيتولى إكمال الإجراءات .. والإشراف على الولادة .
تبادل أبو أحمد نظرات سريعة مع زوجته ، التي فاجأها الخبر ، وكان خلاف ما توقعته .. فظهر الهلع في عينيها ، وأخذت تجمع الشرشف حولها بعصبية ، وتردد : لا .. لا . كان الدكتور بشير على وشك أن يخرج ، قبل أن يستوقفه زوجها ، ويقول له :
- لكني يا دكتور ذكرت لك ، أن زوجتي لديها مشكلة ، ولا تريد إلا دكتورة لتقوم بتوليدها .
- والله يا أستاذنا ، هذا ليس من اخـتصاص الطوارئ .. كلم الدكتور فيصل .. هو المسؤول .
غادر الدكتور بشير ، فالتفت أبو أحمد إلى الدكتور فيصل ، الذي كان يرتب إجراءات التنويم مع الممرضة ، وسمع الحديث الذي دار بينه وبين الدكتور بشير .. فقال :
- دكتور فيصل ، لو سمحت ..
قبل أن يكمل كلامه ، فاجأه الدكتور فيصل ، دون أن ينظر إليه ، وهو ما زال منشغلاً مع الممرضة .. برد جاف ، وتقاطيع جامدة :
- الإجراءات تتم حسب المتوفر ..
- الدكتور بشير ، قال لي قبل وصولك بدقائق ، إن فيه طبيبة .. دكتورة .
انفعل الدكتور فيصل ، ورد بعصبية :
- يعني أنا كذاب ..؟!
- أنا ما قلت كذا ..!
واصل الدكتور فيصل انفعاله ، وبوتيرة أعلى :
- قلت .. أو ما قلت ، أزعجتونا . كل واحد يجيء لي .. أبغى دكتورة تولد زوجتي . إيش الأوادم هذي ؟ صلحوا لكم مستشفيات بمزاجكم . عاجبك نظامنا ، أو خذ زوجتك وتوكّل على الله .. الباب يوسع جمل ..!
ثم ختم ردّه الحاد ، بعبارة خافته ، حاول أن تكون غير واضحة :
- ناس متخلفة ..!
لكن يبدو أن أذن أبو أحمد ، قد التقطت الكلمة :
- يا دكتور .. هذا مستشفى حكومي ، ومن حق المواطن أن يلقى احتراماً ، وخدمة صحيحة . التخلف .. ليس التزام الإنسان بما يؤمن به ، بل معاملة الناس بهذه الطريقة .
صافي شوقي ضيف- عضو ذهبي
- Posts : 458
Reputation : 2
Join Date : 26/12/2009
رد: في غرفة التشريح
وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويَبقَى الدَّهرَ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
صافي شوقي ضيف- عضو ذهبي
- Posts : 458
Reputation : 2
Join Date : 26/12/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
28/01/22, 05:33 pm من طرف حسين دغيم
» موسوعة المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية
15/11/15, 06:49 pm من طرف المدير العام
» الحشائش وطرق مكافحتهـــا
17/05/15, 09:41 pm من طرف المدير العام
» الحشائش وطرق مكافحتهـــا
17/05/15, 09:40 pm من طرف المدير العام
» كيف نعتني بشجرة الزيتون ؟
17/05/15, 07:33 am من طرف المدير العام
» المدينة الغريبة: مدينة الجن، مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض تتسع لأكثر من 30 ألف شخص
03/06/14, 09:04 pm من طرف المدير العام
» خمسة أوامر مفيدة في موجه الأوامر CMD يجب عليك معرفتها لإدارة حاسوبك وإصلاح مشاكله:
17/03/14, 04:44 am من طرف المدير العام
» جورج و العيد!!؟؟
08/01/14, 11:55 am من طرف زعفران
» أدوات البحث الأساسية في google
21/04/13, 06:07 am من طرف المدير العام
» لماذا تأخر النصر في سوريا
21/01/13, 09:20 am من طرف المدير العام
» فوائد الصبر
26/11/12, 05:12 pm من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أدخل واكتب حكمة اليوم موضوع متجدد
26/11/12, 04:53 pm من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أختبر معلوماتك
26/11/12, 03:13 am من طرف عكرمة الدغيم جرجناز
» أجمل أغاني الثورة من فرقة أحرار ريف معرة النعمان
09/04/12, 12:05 am من طرف المدير العام
» ماعاد اقدر اتحمل
23/03/12, 01:44 am من طرف المدير العام
» كيف يكون الحب
02/03/12, 08:31 pm من طرف عائشة
» صور في مظاهرة حق الدفاع عن النفس في جرجناز
29/01/12, 10:37 pm من طرف ابو زيد
» مذكرات تائهة
31/12/11, 11:11 pm من طرف دمعة الياسمين
» الصيرفة الإسلامية لا تجد من يتخصص فيها
28/12/11, 03:36 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» علاج العشق
28/12/11, 03:35 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» حكمة صغيرة جدااااااااااااااااااااا
28/12/11, 03:34 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» رحبوا معي بالأخ الفاضل محمد طراد
28/12/11, 03:32 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» ودنت الامتحانات!!!
28/12/11, 03:31 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» يعمي يا هاك البنات يا بلا ......................إقرأ
28/12/11, 03:30 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» فردة حذاء واحدة ماذا تفعل بها؟؟؟
13/12/11, 01:45 pm من طرف حسن الدغيم
» اوجاع القلم
08/12/11, 08:39 pm من طرف دمعة الياسمين
» كيفية ربط بريدين في بريد واحد
03/12/11, 08:56 pm من طرف AzaSeif
» فسيفساء جرجناز
19/09/11, 03:46 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» بداية النهاية
19/09/11, 03:42 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» يقولون بيخلق من الشبه اربعين شوفوا يمكن مية بالمية
02/09/11, 09:38 am من طرف رياح التغيير
» دعاء اليوم .. يارب استجب
02/09/11, 09:17 am من طرف رياح التغيير
» حملة الزم الاستغفار
02/09/11, 09:12 am من طرف رياح التغيير
» سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
02/09/11, 09:01 am من طرف رياح التغيير
» مضحك رائع حزين مهم جدا ...
01/09/11, 06:53 am من طرف رياح التغيير
» قوة الإرادة
01/09/11, 04:55 am من طرف رياح التغيير
» تألمت فتعلمت ..
29/08/11, 08:12 am من طرف رياح التغيير
» قرة العيون
29/08/11, 07:55 am من طرف رياح التغيير
» بلدة جرجناز السورية
14/08/11, 07:22 pm من طرف حكيم
» انـــا في امـــس الحـاجة للمسآآآآآآآآآآآآآآآعده
11/06/11, 09:17 am من طرف احمد
» لتعيش سعيدا
07/06/11, 09:36 am من طرف عائشة
» الفوائد الصحية لصلاة الفجر
11/04/11, 03:50 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» اصعب الاشياء
05/04/11, 08:05 pm من طرف جريح الصمت
» صور من جرجناز
17/03/11, 05:18 pm من طرف المدير العام
» علاقاتنا الاجتماعية الى اين وصلت
16/03/11, 11:48 pm من طرف محمود سلوم
» حكم الشرع بالمكياج
16/03/11, 11:44 pm من طرف محمود سلوم
» رحبوا معي بالعضو الجديد الأخ حمد الشحود
09/03/11, 05:43 pm من طرف محمود سلوم
» اللهم احفظ لنا جرجناز
09/03/11, 05:24 pm من طرف محمود سلوم
» قصيدة غريبة
05/03/11, 08:39 am من طرف صافي شوقي ضيف
» مقارنة بين فتاتين
20/02/11, 04:18 am من طرف الهامي دلني اليكي
» اسباب مشكلات الشباب
20/02/11, 02:41 am من طرف الهامي دلني اليكي
» خواطر شعرية
26/01/11, 08:51 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» معاني بعض الأسماء
17/01/11, 05:34 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اللحن في القرآن الكريم
17/01/11, 05:29 am من طرف صافي شوقي ضيف
» نصائح مفيدة ليوم زفافك
16/01/11, 10:49 pm من طرف محمود سلوم
» جرجناز في عمق التاريخ
16/01/11, 10:19 pm من طرف محمود سلوم
» حكم للغافلين
16/01/11, 08:30 am من طرف صافي شوقي ضيف
» كيد النساء ام كيد الرجال
16/01/11, 08:27 am من طرف صافي شوقي ضيف
» بنادول الذنوب
16/01/11, 08:25 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قصة محزنة جدا
16/01/11, 08:23 am من طرف صافي شوقي ضيف
» هام هام هام ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,جدا
16/01/11, 08:21 am من طرف صافي شوقي ضيف
» عودة للطريق
16/01/11, 08:19 am من طرف صافي شوقي ضيف
» يا ذات الشعر الاصفر
16/01/11, 08:18 am من طرف صافي شوقي ضيف
» امك ام زوجتك
16/01/11, 08:17 am من طرف صافي شوقي ضيف
» العلاج بالحجامة
16/01/11, 08:16 am من طرف صافي شوقي ضيف
» صدقيني انا لم اقتلها
16/01/11, 08:15 am من طرف صافي شوقي ضيف
» بناء الكعبة مع الصور
16/01/11, 08:13 am من طرف صافي شوقي ضيف
» من احكام الشتاء
16/01/11, 08:11 am من طرف صافي شوقي ضيف
» ليش ما تبتسم معنا
16/01/11, 08:06 am من طرف صافي شوقي ضيف
» فوارق بين الرجل والمراة
16/01/11, 07:56 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قال الشاعر
16/01/11, 07:55 am من طرف صافي شوقي ضيف
» من انا
16/01/11, 07:53 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اسالة للبنات فقط
16/01/11, 07:51 am من طرف صافي شوقي ضيف
» افكار لتطوير المنتدى
16/01/11, 07:49 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الزكاة في الاسلام أحكام وفوائد
16/01/11, 07:48 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اعرفني اكثر
16/01/11, 07:48 am من طرف صافي شوقي ضيف
» المواقع الاباحية والشباب العربي
16/01/11, 07:42 am من طرف صافي شوقي ضيف
» حكمة لصديق
16/01/11, 07:40 am من طرف صافي شوقي ضيف
» العنف الاسري
16/01/11, 07:38 am من طرف صافي شوقي ضيف
» افد واستفد
16/01/11, 07:34 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الرومنسية المفقودة
08/01/11, 11:38 am من طرف me manche
» هل انت حزين تخلص من حزنك هنا
08/01/11, 08:42 am من طرف صافي شوقي ضيف
» قصة الباذنجانة الحرام
05/01/11, 11:19 pm من طرف me manche
» علاج لراحة البال
05/01/11, 11:12 pm من طرف me manche
» هكذا يجب ان تكون المرأة
30/12/10, 08:39 pm من طرف me manche
» االابتسامة
30/12/10, 08:33 pm من طرف me manche
» مالك يا دنيا
30/12/10, 12:58 pm من طرف دمعة الياسمين
» كلمات اعجبتني
30/12/10, 07:18 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الابتسامة الصادقة
30/12/10, 07:15 am من طرف صافي شوقي ضيف
» الصبر مفتاح الفرج
30/12/10, 07:10 am من طرف صافي شوقي ضيف
» تدهشني المرأة
30/12/10, 07:05 am من طرف صافي شوقي ضيف
» اروع جدال بين الذكر والانثى
27/12/10, 07:49 am من طرف صافي شوقي ضيف
» رضا الوالدين
23/12/10, 06:21 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» الثروة والنجاح والمحبة
23/12/10, 09:07 am من طرف جرجنازي مشتاق
» دم العذرية براي الكاتبة دلال حرب
23/12/10, 08:03 am من طرف صافي شوقي ضيف
» ورثة ابليس
23/12/10, 08:00 am من طرف صافي شوقي ضيف
» السر بشهر العسل
22/12/10, 01:33 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» احذر من الدنيا
22/12/10, 01:19 pm من طرف جرجنازي مشتاق
» ادخل لترى جهنم وتعرف اين هي
21/12/10, 03:30 pm من طرف صافي شوقي ضيف
» اخطاء الطلاب القاتلة اثناء الامتحانات
21/12/10, 03:28 pm من طرف صافي شوقي ضيف